- Author, لورا كوينسبيرغ
- Role, مقدمة برنامح الأحد مع لورا كوينسبيرغ
-
“دعونا نكون واقعيين، لقد بدأت الحرب”، هكذا أخبرني أحد الوزراء السابقين قائلا :”إن ما يحدث في الشرق الأوسط لا يبقى في الشرق الأوسط أبداً”.
فمن الصعب ألا نتأثر بالصراع المحتدم المتمثل في مقتل الإسرائيليين على يد حماس قبل عام تقريبًا والمعاناة التي تعيشها عائلات الرهائن المختطفين، وقتل الآلاف من سكان غزة على يد إسرائيل في ردها والمعاناة الرهيبة هناك.
والآن هناك لبنان، حيث شنت إسرائيل هجوماً جديداً بعد قرابة عام من الأعمال العدائية عبر الحدود، فقتلت مئات الأشخاص في غارات جوية ضد حزب الله، والآن يضطر مئات الآلاف من المدنيين إلى النزوح بحثاً عن الأمان.
لكن الأمر قد يبدو محيرًا وبعيدًا عنا. فلماذا إذن يشكل هذا الأمر أهمية لبريطانيا؟
يقول أحد الدبلوماسيين السابقين: “هناك رعب إنساني “. وبالطبع هناك العديد من الأسر في المملكة المتحدة تشعر بالقلق إزاء سلامة أصدقائها أو أقاربها الذين مازالوا في لبنان وإسرائيل وغزة، وهناك احتمالات بارتفاع عدد اللاجئين الذين من المرجح أن يتجهوا إلى أوروبا قادمين من لبنان إذا اندلعت الحرب الشاملة.
وقد أثار الصراع التوترات هنا أيضًا حيث يقول الوزير السابق: “نرى ذلك في شوارعنا”، سواء في احتجاجات غزة، أو في تصاعد معاداة السامية، أو حتى في فوز حفنة من الساسة المؤيدين للفلسطينيين بمقاعد في البرلمان.
وإذا أقدمت إسرائيل على مهاجمة صناعة النفط الإيرانية، كما اعترف الرئيس الأمريكي جو بايدن علناً، فإن التكاليف قد تطالنا جميعاً.
لقد ارتفعت أسعار النفط بنسبة 5 في المئة بعد تصريحات بايدن، فإيران هي سابع أكبر منتج للنفط في العالم. وفي الوقت الذي اعتاد فيه العالم على تباطؤ التضخم، فإن ارتفاع تكاليف الطاقة قد يؤدي إلى ارتفاع التضخم مرة أخرى وسوف نشعر جميعًا بذلك.
وأشار أحد المصادر إلى أنه إذا استمر الصراع في التصاعد، فإن “الإيرانيين قد يغلقون مضيق هرمز الحيوي لإظهار قوتهم”، وهو ما قد “يدفعنا إلى أزمة على غرار أزمة السبعينيات”.
ويمر نحو 20 في المئة من نفط العالم عبر تلك القناة المائية الضيقة. ويقول مصدر آخر في الحكومة البريطانية: “قد يكون تأثير ذلك على الاقتصاد هائلاً”.
ولكن ماذا تستطيع بريطانيا أن تفعل إزاء هذا الوضع المعقد للغاية، وخاصة في ظل حكومة جديدة لا تزال تحاول إيجاد موطئ قدم لها؟ هناك الجانب العملي، والجانب الدفاعي، والجانب الدبلوماسي.
لقد استأجرت وزارة الخارجية البريطانية رحلات جوية لإعادة البريطانيين المقيمين في لبنان إلى وطنهم. وهناك طاقم عسكري إضافي في قبرص على استعداد لتقديم المساعدة الإضافية إذا لزم الأمر.
وتشارك بريطانيا بشكل كبير في تقديم المساعدات الإنسانية في المنطقة، واتخذ حزب العمال قرارًا بإعادة تقديم الأموال مرة أخرى إلى وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، بمجرد وصوله إلى السلطة.
الدعم العسكري البريطاني
كان الجيش البريطاني موجودا لتقديم الدعم لمساعدة إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد الصواريخ الإيرانية. وكانت طائرات تايفون التابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني في الجو ليلة الثلاثاء على استعداد لدعم دفاعات إسرائيل. كما حصلت إسرائيل على دعم من الولايات المتحدة.
في النهاية، لم تطلق المملكة المتحدة أيًا من أسلحتها، ولكن في أبريل/نيسان الماضي، أسقطت طائرات تايفون التابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني المتمركزة في قبرص طائرات مُسيرة إيرانية.
وهناك شعور بالقلق في دوائر حزب العمال إزاء المدى الذي قد يصل إليه هذا الدور في الأسابيع المقبلة. فقد قال أحد كبار أعضاء البرلمان: “بوسعنا أن نكون هناك للمساعدة في الدفاع عن إسرائيل، وبوسعنا أن نساند أمريكا في ذلك، ولكن لا ينبغي لنا أن نكون هناك بأي شكل من الأشكال، مهما كان حجم المشاركة، في مهاجمة إيران”.
إن المملكة المتحدة في موقف غريب كما وصفه أحد سفرائها السابقين. فالوزراء يحثون إسرائيل على كبح جماح هجماتها في مختلف أنحاء لبنان ، تماماً كما طالبوها خلال الأشهر الاثني عشر الماضية بالتوقف عن قصف غزة. ولكن في الوقت نفسه، عندما يُطلَب منهم المُساعدة فإنهم يساعدون إسرائيل في الدفاع عن نفسها.
فرغم تعليق بعض مبيعات الأسلحة، فإن تدفق الأسلحة لا يزال مستمرا.
الفرص الدبلوماسية
وعندما يتعلق الأمر بالدبلوماسية، أخبرني مسؤول كبير سابق أن المملكة المتحدة “تفكر في الطرق البديلة”، أو بعبارة أخرى، تشجع جميع اللاعبين، وليس فقط حلفائها، على التفكير في كيفية إنهاء الصراع، وكيف قد تبدو التسوية بعد الحرب.
ولدى المملكة المتحدة فرص محددة حيث هناك أشياء تستطيع بريطانيا أن تفعلها ولا تستطيع الولايات المتحدة أن تفعلها، مع وجود سفارة لها في العاصمة الإيرانية طهران، على سبيل المثال، في حين ليس للأمريكيين أي علاقات دبلوماسية رسمية مع إيران منذ عام 1980.
ويقول المسؤول السابق: “الدبلوماسية لا تقتصر على التحدث مع أصدقائك”، مشيراً إلى أن للمملكة المتحدة دوراً تلعبه في فهم موقف إيران وتوصيله إلى الآخرين لضمان عدم اتخاذ إسرائيل والولايات المتحدة قرارات “على أساس سوء الفهم”.
لقد تم استغلال وضع المملكة المتحدة لتحقيق مصالح دبلوماسية في السابق.
يخبرني وزير سابق أنه عندما كانت عائلات الرهائن من إسرائيل في العاصمة البريطانية لندن، تم ترتيب لقاء بينهم وبين كبير المفاوضين القطريين، وهو لقاء لم يكن من الممكن أن يحدث في أي مكان آخر.
ويقول مصدر آخر إن المملكة المتحدة “ليست مجرد قناة خلفية عندما يتعلق الأمر بإيران، بل يمكننا أن نكون القناة الأمامية”. فقد أجرى وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي محادثة هاتفية مع وزير الخارجية الإيراني في أغسطس/آب الماضي.
الحدود والمخاطر العالية
إن هناك حدوداً للتأثير الذي يمكن ممارسته، وليس فقط بسبب واقع المنطقة.
فرغم أن صوت المملكة المتحدة مهم، لكنه لا يشكل عامل تأثير حاسما، ويقول أحد المصادر في الحكومة البريطانية: “إن اللاعب الخارجي الحاسم الوحيد هو الولايات المتحدة”.
ولعل الحقيقة الآن هي أن “لا أحد يخاف من الولايات المتحدة بعد الآن”، كما يشير أحد كبار المسؤولين الحكوميين، فالأشهر التي قضيناها في الحث على ضبط النفس لم تفلح في إنهاء الصراع بل على العكس من ذلك.
ومن الجدير بالذكر أن نسأل ما إذا كان الساسة في المملكة المتحدة لديهم الرغبة في المشاركة بشكل أكبر.
قد تبدو السياسة الخارجية وكأنها تشتيت للانتباه بسبب اضطرار المسؤولين للسفر حول العالم بينما عليك التعامل مع الخلافات حول الهدايا المجانية ومدفوعات الوقود في فصل الشتاء. ويقول أحد كبار أعضاء البرلمان إن السير كير ستارمر وجد نفسه “يقضي وقتًا أطول على متن الطائرة مما كان يتوقعه على الإطلاق”.
لاشك أن الدبلوماسية مهمة، سواء كان من السهل قياس تأثيرها أم لا. ويشير أحد المطلعين على بواطن الأمور في الحكومة إلى أنه في عدم قيام المملكة المتحدة والولايات المتحدة والحلفاء الغربيين بالحث يوميا على ضبط النفس، فإننا قد نشهد عالماً موازياً قد تتفاقم فيه الصراعات بالفعل إلى حرب أسوأ كثيراً من أي شيء شهدناه حتى الآن. ويقول أحد كبار المسؤولين: “لقد عمل الجميع بجد لا يصدق لمحاولة منع امتداد الأزمة”.
والسؤال المطروح الآن هو ما إذا كان من الممكن تجنب الصراع الرهيب الذي يجتذب الولايات المتحدة والقوى الأخرى، وقد يكون اختيار إسرائيل للرد على هجمات إيران حاسماً.
لقد بات الكثير على المحك حيث أن صراعاً أوسع نطاقاً قد يخلف دماراً هائلاً في اقتصادنا، وفي استقرار العالم، فضلاً عن الخسائر الفادحة التي قد تقع على المدنيين المحاصرين في حروب ليست من صنعهم.
ويقول أحد الوزراء السابقين: “إن أفضل ما يمكننا فعله هو الدبلوماسية”. ومن المؤكد أن بريطانيا لا تستطيع وقف هذه المعضلة الخطيرة أو حلها بمفردها، ولكن خطورة ما يجري تعني أنها مضطرة إلى المحاولة.
Source link
اضف تعليقك