- Author, عاطف عبد الحميد
- Role, بي بي سي عربي – القاهرة
قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بيان صدر الثلاثاء إن إسرائيل ستنصت إلى الولايات المتحدة لكنها ستتخذ قراراتها بناء على “المصلحة الوطنية”، وذلك فيما يتعلق برد إسرائيل على الضربة الصاروخية التي وجهتها طهران إليها في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري بعد تفاقم الصراع بين إسرائيل وحزب الله في الفترة الأخيرة.
وكان نتنياهو قد تلقى تحذيرات من الرئيس الأمريكي جو بايدن من استهداف أي منشآت نفطية أو نووية في إيران في إطار الرد الذي تجهز له إسرائيل على الضربة الإيرانية المتوقعة.
وقال مدير معهد ستراتيجيكس للدراسات والأبحاث حازم الضمور لبي بي سي إن تصريحات نتنياهو اليوم بمراعاته لنصائح الإدارة الأمريكية بخصوص الضربة المزمعة على إيران تحسم الجدل الدائر منذ أيام حول مستوى الرد الإسرائيلي والأهداف التي قد تركز عليها إسرائيل داخل الأراضي الإيرانية، بدءاً من المنشآت النووية مروراً بالنفطية ثم العسكرية.
رغم ذلك، رأى الضمور أن الأمر ينطوي على صعوبة بالغة بالنسبة لإسرائيل، أثناء دراسة حجم ونطاق الرد على إيران، قائلاً: “الملف الإيراني شديد التداخل وخصوصاً مع روسيا والصين وكوريا الشمالية. فالأولى أصبحت تعتمد منذ فترة على الصناعات العسكرية الإيرانية في إمدادات المعارك الدائرة في أوكرانيا”.
وأضاف: “أما الصين، فبينها وبين الجمهورية الإسلامية شراكات عسكرية وتسليحية متعددة وتفاهمات سياسية على المستوى الاستراتيجي، في حين تجمعها بكوريا الشمالية علاقات عسكرية وتكنولوجية متميزة، ناهيك عن علاقات خاصة مع قوى دولية كالهند وفرنسا”.
وأكد أن “كل ذلك جعل الملف الإيراني ثقيل جداً على دولة كإسرائيل لتقوم بمعالجته بشكل منفرد، مهما كانت صلتها بالموضوع وأهميتها له وعلاقاتها بالولايات المتحدة لكن لواشنطن الكلمة الأولى والأخيرة”.
وقالت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية تزامناً مع البيان الصادر من مكتب نتنياهو، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي أخبر إدارة الرئيس جو بايدن بأن إسرائيل ستضرب أهدافاً عسكرية إيرانية، وليس أهدافاً نووية أو نفطية، مما يشير إلى أن الهجوم المضاد المحتمل أصبح أضيق نطاقاً بهدف منع اندلاع حرب في المنطقة بأكملها.
ونقلت الصحيفة عن أحد المسؤولَين قوله إن الرد الإسرائيلي سيكون محسوباً لتجنب فكرة “التدخل السياسي في الانتخابات الأمريكية”.
ورأى روني شالوم، الباحث في معهد “أرابيك ميديا” لدراسات الشرق الأوسط، في تصريحات أدلى بها لبي بي سي إن “الهدف من الضربة العسكرية الإسرائيلية لإيران هو استهداف مصالح النظام في طهران ومصادره وموارده بشكل مباشر”.
الملف النووي الإيراني
رجح أنس القصاص، مستشار الشؤون الجيوسياسية والدولية وعضو لجنة الجيوبوليتيك في الجمعية الدولية للعلوم السياسية، أن “تقدير الضربات الإسرائيلية المرتقبة ضد إيران لا يلغي الصعوبة التي ينطوي عليها تحديد طبيعتها وحجمها وأهدافها بدقة، وما إذا كانت ستأتي في إطار المتوقع أو في سياق المفاجئة، خاصة أن المفاجئة تعتبر سمة رئيسية لهذه الحرب، بدءاً من هجمات حركة حماس في أكتوبر/ تشرين أول 2023 ووصولاً إلى الانهيار السريع في منظومة حزب الله القيادية”.
وقال القصاص لبي بي سي: ” تقع تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي في هذا الإطار من حيث ربطه الهجمات في سياق التغيرات الاستراتيجية التي يشهدها الشرق الأوسط”.
وقال مكتب نتنياهو في بيان نقلته صحيفة واشنطن بوست أيضاً “نحن ننصت إلى آراء الولايات المتحدة، ولكننا سنتخذ قراراتنا النهائية بناءً على مصالحنا الوطنية”.
وأكد الضمور أن “قبول نتنياهو بالنصائح الأمريكية يعيد الملف الإيراني إلى موقعه السابق كملف دولي وليس إقليمي تعتبر الولايات المتحدة صاحبة القول النهائي فيه، وهي الحقيقة التي حاول نتنياهو تجاهلها لكن لم يعد بمقداره الصمود أمام تلك الحقيقة”.
وأشار إلى أن أي ضربة إسرائيلية للمنشآت النووية تحتاج لانخراط أمريكي كامل وخصوصاً عبر القنابل الخارقة طراز GBU-58 والقاذفات الاستراتيجية طراز B2-Spirit التي لا تملك القوات الإسرائيلية أياً منها.
وأضاف إلى أن أياً من تلك الضربات تحتاج عتاداً أمريكياً على قدر مستوى الرد، ومنها نظام ثاد للدفاع الجوي الاستراتيجي الذي نُشر في إسرائيل مؤخراً.
وقال مصدر مسؤول في الولايات المتحدة لواشنطن بوست: “نتنياهو كان خلال المكالمة (مع الرئيس بايدن) معتدلاً مقارنة بنقاشات سابقة”، فيما قال مسؤولان أمريكيان آخران للصحيفة إن “تخفيف حدة موقف نتنياهو كان عاملاً رئيسياً في قرار بايدن بإرسال نظام دفاع صاروخي إلى إسرائيل”.
الانتخابات الأمريكية
أما عن توقيت الرد وربطه بالانتخابات الأمريكية، قال أمير خنيفس، محاضر ومحلل سياسي إسرائيلي لبي بي سي: “هناك مخاوف لدى البيت الأبيض حيال أبعاد ضربة عسكرية إسرائيلية على إيران وما يمكن أن تحدثه من آثار على الحملة الانتخابية لنائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس. لذلك، يرجح ألا يستهدف الرد الإسرائيلي منشآت نفطية أو مفاعلات نووية في إيران”.
وتبدأ الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، إذ يختار الناخبون الأمريكيون بين الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وكامالا هاريس، نائبة الرئيس الأمريكي جو بايدن.
وقال القصاص: “يأخذ الرد الإسرائيلي بعين الاعتبار مجموعة من الضرورات من بينها أن يخلق حالة من الصدمة في إيران، وأن يكون مصمماً لضرب أهداف تمنع إيران من رد انتقامي أو تؤخر من ذلك الرد، وذلك للحد من احتمال الدخول في حلقة مفرغة من الضربة ورد الضربة وبشكل يشغل إسرائيل عن جبهات الحرب في قطاع غزة ولبنان، ويرفع من مستويات الاستنزاف العسكرية والاقتصادية”.
وينصب التركيز في الوقت الراهن على طبيعة المشاركة الأمريكية في الضربة الإسرائيلية المحتملة لإيران وموافقة واشنطن على مستوى الرد ومدى قوته نظراً لما يتمتع به الدور الأمريكي في المشهد الحالي في منطقة الشرق الأوسط من أهمية.
ويتوقع، بناءً على معطيات الساعات الأخيرة أن تستثني إسرائيل المنشآت النووية والنفطية من ردها، كما يحتمل أن تستهدف منشآت عسكرية حساسة كمنصات الصواريخ البالستية والقواعد العسكرية في جنوب وغرب البلاد.
لكن الضمور يتوقع أن يكون هناك قدر أكبر من التعقيد “إذا تأخرت الضربة الإسرائيلية حتى موعد الانتخابات الأمريكية في السادس من نوفمبر/ تشرين الأول المقبل. كما يمكن أن يزيد من تعقيد الموقف الراهن أيضًا الدخول في العام الجديد 2025”.
وقالت مصادر مطلعة في إسرائيل لموقع i24NEWS الإخباري الإسرائيلي إنه “في أعقاب الضغوط الأمريكية – فإن الاتجاه الذي يظهر الآن هو إلحاق الضرر بالأهداف العسكرية والبنى التحتية للطاقة في إيران، حيث تعارض واشنطن إلحاق الضرر بالمنشآت النووية”.
وأضافت تلك المصادر “من المتوقع أن يأتي الرد الإسرائيلي قبل الانتخابات في الولايات المتحدة”، وذلك بحسب مسؤولين تحدثوا إلى i24NEWS، وشددوا على أنه “لا يمكننا الانتظار لفترة أطول بكثير لهجوم إيراني بهذا الحجم… والرد الإسرائيلي قد يأتي على شكل موجات، وسلسلة من الهجمات، وليس فقط على شكل هجوم كبير لمرة واحدة”.
وقال شالوم: “السؤال الأكثر إلحاحاً هو ما إذا كانت إسرائيل قد نجحت في إقناع الأمريكيين بألا يراهنوا على المهزومين داعمي الإرهاب والحقد والكراهية والعنصرية، وأن يدعموا محور الاستقرار والتعاون والنجاح”.
خيارات إسرائيل
أشار القصاص إلى أن إسرائيل أمامها خيارين؛ فإما أن “توجه ضربات مركبة ومعقدة ضد ما يتصل مباشرة بقدرات إيران ومقوماتها في الحرب بالوكالة، وهذا سينعكس على قدرة طهران ووكلائها على تنسيق رد موازي. وكذلك على تماسك محورها وقدرة الأطراف المتضررة فيه على التعافي وخاصة حزب الله اللبناني. وهذا يتماشى مع أهداف إسرائيل المعلنة من الحرب”.
وقال إن “الخيار الثاني هو بتوجيه ضربة حاسمة ضد أهداف حيوية في إيران، بشكل يحدث صدمة وفراغاً قد يكون سياسياً او عسكرياً أو خدماتياً وبشكل يدفع طهران للعمل مطولاً على علاج آثاره”.
وقال ضمور إن التركيز في الوقت الراهن ينصب على طبيعة المشاركة الأمريكية في الضربة الإسرائيلية المحتملة لإيران وموافقة واشنطن على مستوى الرد ومدى قوته نظراً لما يتمتع به الدور الأمريكي في المشهد الحالي في منطقة الشرق الأوسط من أهمية.
توقع أنه، بناءً على معطيات الساعات الأخيرة، أن تستثني إسرائيل المنشآت النووية والنفطية من ردها، كما يحتمل أن تستهدف منشآت عسكرية حساسة كمنصات الصواريخ البالستية والقواعد العسكرية في جنوب وغرب البلاد.
وقال خنيفس: “نتنياهو والحكومة الإسرائيلية توعدت برد قاس على إيران في أعقاب الهجوم الصاروخي الذي قامت به الأخيرة منذ حوالي أسبوعين”.
وأضاف: “بالرغم من ذلك إسرائيل لا تستطيع الرد دون تنسيق مع البيت الأبيض الذي يعاني من ضغط من قبل دول الخليج ومخاوفها من رد إيراني على منشآتها النفطية حال توجيه إسرائيل ضربات لمنشآت إيرانية”.
ويرى شالوم أنه من بين الخيارات المتاحة أمام إسرائيل أن تتعامل مع الموقف بشكل غير مباشر، قائلاً: “ربما من خلال مساعدة المعارضين لهذا النظام الزائل الإرهابي”، في إشارة إلى الحكومة في طهران.
Source link
اضف تعليقك