- Author, فرغال كين
- Role, مراسل بي بي سي نيوز الخاص من القدس
تحذير: يحتوي هذا المقال على وصف للعنف والقتال والدماء
كانت هناك يد بشرية مغطاة بالغبار، وملطخة بالدماء بين الأصابع والمعصم، هذا كل ما يمكن رؤيته من شخص قُتل في الغارات الإسرائيلية على شمال غزة.
ومثل العديد من ضحايا الغارات الجوية الإسرائيلية، دفنت العديد من جثث الضحايا تحت الأنقاض، وهذه المرة في شمال مدينة غزة.
تمكن رجال الإنقاذ وبعض السكان من انتشال صبي مراهق من الطابق الأول من مبنى منهار. وعندما ظهرت قدميه وساقيه، بدا وكأنه قد يكون على قيد الحياة.
وبعد أن تمكنوا من رفع جسده بالكامل، سقط بلا حياة بين أحضان رجال الإنقاذ.
بعد جهد ومشقة تمكن رجال الإنقاذ من تمرير جثة الصبي من خلال نافذة في الأسفل، لتتلقاه مجموعة أخرى من الرجال المنتظرين.
وفي الشوارع الضيقة، استخدم رجال الإنقاذ أيديهم للحفر والبحث عن أي شخص ما يزال حياً تحت الانقاض يمكن إنقاذه. لكن لم يكن هناك أي صوت قادم من بين الأنقاض. كل من كان يرقد هناك، لم يدركه الوقت لإمكانية إنقاذه أو مساعدته.
وهناك كان شاب يدعى، رامز أبو نصر، يحفر لساعات. لقد دفنت أمه مع أبوه وإخوته تحت الركام المتساقط.
تمكن رامز من إنقاذ شقيقه الأصغر. أخبره الصبي أنه سمع والديه في مكان قريب، يرددان الشهادة.
لكنهما بعد فترة وجيزة صمتا.
يقول رامز “لقد أخرجت أخي الأصغر في اللحظة الأخيرة. لا أعرف كيف يمكننا العودة إلى منزلنا، بدون أمي أو أبي أو إخوتي”.
فرت العائلة إلى الجزء الشمالي من مدينة غزة، قادمة من جباليا، عندما بدأت قوات الجيش الإسرائيلية هجومها المتجدد ضد حماس، بحسب زعمها، في الشمال قبل 12 يوماً.
وأصدر الجيش الإسرائيلي أمراً بالإخلاء لما يُقدر بنحو 400 ألف شخص في شمال قطاع غزة، وأمرتهم بالانتقال إلى الجنوب.
لكن الآلاف قرروا البقاء في أماكنهم، بسبب المعاناة من النزوح المستمر، خائفين من التوجه إلى مكان لا يمكنهم فيه الوصول إلى الإمدادات.
داخل منزل ما يزال قائماً، يركع شاب أمام شقيقته المتوفاة. تبدو في الثلاثينيات من عمرها وينادي “يا الله، أختي، أختي”.
وبينما يجمع متطوعو الدفاع المدني الجثث من داخل المباني. يجدون رجلاً مصاباً بجروح بالغة ويهرعون إلى سيارة الإسعاف.
يحاولون إنقاذ حياة، لكنهم أيضا يخشون أن يقصفوا.
ينظر أحمد الكحلوت، أحد أفراد الدفاع المدني المحلي، حوله إلى المذبحة. وخلفه، يحاول زميل له إجراء عملية الإنعاش لامرأة، لكن دون جدوى.
يقول أحمد “هذا منزل عائلة السيد. هناك جثث وأشلاء ممزقة في هذه المنطقة، إنها جريمة مروعة”.
تصطف سيارات الإسعاف في الشوارع. أغلب من بداخلها قتلى. الجثث متراكمة فوق بعضها من كل الأعمار.
الدم يسيل من جبين طفل صغير. امرأة ملفوفة ببطانية ملونة. بجوار سيارة الإسعاف رجل، في منتصف العمر، يرقد ميتاً على عربة طبية.
تُنقل جثث العديد من الضحايا إلى مستشفى كمال عدوان في جباليا. أخبرنا مدير المستشفى، الدكتور حسام أبو صفية، عبر الهاتف أن مستشفاه يواجه أزمة إنسانية مروعة واتهم إسرائيل بفرض عقوبات جماعية.
وقال “نحث العالم على التدخل وفرض إنسانيته على الجيش الإسرائيلي، وفتح ممرات إنسانية تسمح بدخول الأدوات الطبية والأدوية والوقود والغذاء، حتى نتمكن من تقديم الخدمات الإنسانية للأطفال والمواليد الجدد والمرضى المحتاجين”.
وكانت الولايات المتحدة قد اتهمت إسرائيل برفض أو عرقلة ما يصل إلى 90 في المئة من المساعدات إلى شمال غزة، الشهر الماضي، وهددت بقطع شحنات الأسلحة ما لم يكن هناك تغيير.
وتقول إسرائيل إنها تأخذ المخاوف الأمريكية على محمل الجد و”تعمل على معالجة القضية”.
ومنذ بداية الحرب، رفضت إسرائيل السماح للصحافيين الدوليين من المنظمات الإعلامية، بما في ذلك بي بي سي، بالدخول إلى غزة.
ويقول الجيش الإسرائيلي إنه، فقط، يستهدف “خلايا إرهابية”، ونشر مقطع فيديو لما قال إنه إطلاق حماس النار من داخل عيادة في جباليا. كما قال الجيش إنه عثر على أسلحة وعبوات متفجرة في منشأة طبية.
وفي الفيديو يشير ضابط، تم تغطية وجهه تقنياً، إلى عبوات متفجرة وأسلحة ويتحدث إلى الكاميرا قائلاً: “كل شيء هنا هو استغلال ساخر للسكان المدنيين، داخل عيادة، داخل مجمع مدني. سنلاحق هؤلاء الإرهابيين في كل زاوية وسنجدهم”.
وفي جباليا، تجلس امرأة حامل في أشهرها الأخيرة بين الغبار خارج أحد المنازل، بينما يصل عمال الدفاع المدني ويساعدونها على الصعود على نقالة. وبجانبها والدها يقول لها “ستكونين بخير. وستلدين بسلام يا قلبي”.
وفجأة تنفجر قذيفة في مكان قريب. وتهرع المجموعة الصغيرة إلى سيارة الإسعاف وتهرب.
كل يوم يتوسل السكان من أجل السلام في جباليا. من أجل الغذاء والدواء وفتح المدارس.
يتوسلون، لكنهم يعرفون أن أصواتهم لا يمكن أن توقف هذه الحرب.
Source link
اضف تعليقك