صحيفة: اغتيال هنية يظهر عدم اكتراث نتنياهو بالعلاقات الأمريكية الإسرائيلية
اعتبر باتريك وينتور، المحلل الدبلوماسى فى صحيفة “الجارديان” البريطانية، أن حادثة اغتيال رئيس المكتب السياسى لحركة حماس، إسماعيل هنية، /الأربعاء/ الماضى فى طهران تظهر مجدداً أن رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، لا يكترث بالعلاقات الأمريكية الإسرائيلية.
وافتتح الصحفى البريطانى مقاله التحليلى، قائلاً إن نتنياهو، الذى كان يقف إلى جانب دونالد ترامب فى فلوريدا، أبدا غموضاً بشأن آخر احتمالات وقف إطلاق النار فى الحرب فى غزة.. فبعد يومين من خطابه المثير للجدل أمام جلسة مشتركة للكونجرس الأمريكي، صرح قائلاً: “آمل أن نتوصل إلى اتفاق.. الوقت كفيل بإخبارنا بذلك”.
وأضاف وينتور أن رئيس الوزراء الإسرائيلى كان طوال زيارته التى استمرت ثلاثة أيام إلى الولايات المتحدة، حريصًا على تجنب تقديم أى تعهد بشأن الاتفاق الذى كشف عنه بايدن فى 31 مايو.. وبينما أصرت الولايات المتحدة علنًا على أن قبول الخطة هو مسؤولية حماس، كانت الإدارة الأمريكية تعلم أنها بحاجة أيضًا إلى محاصرة نتنياهو شخصيًا بسبب تردده فى الالتزام بوقف إطلاق نار دائم.
وتابع: “ومع ذلك فإنه وفقًا لتقارير أمريكية، اتضح الآن أنه فى الوقت الذى كان نتنياهو يتكهن فيه علنًا بشأن التوصل إلى اتفاق، كانت قنبلة يُتحكم فيها عن بعد قد أُدخلت خلسة إلى دار ضيافة فى طهران، فى انتظار هدفها المقصود: إسماعيل هنية، زعيم حماس البارز الذى اغتيل ليلة الأربعاء”.
واتهمت إيران وحماس إسرائيل بالمسؤولية عن الهجوم، وهو ما لم تؤكده إسرائيل أو تنفِه.. ويتناسب هذا مع نمط عمليات القتل الإسرائيلية المحددة الأهداف التى نُفذت سابقاً على الأراضى الإيرانية، على حد قوله.
ولفت إلى تصريح وزير الخارجية الأمريكي، أنتونى بلينكن، الذى يدل على أن نتنياهو لم يكشف قط عن أى خطة من هذا القبيل لحلفائه الأمريكيين، وأن بلينكن لم يعلم بالاغتيال إلا عندما أُبلغ فى سنغافورة، بعد وقوعه.
ويقول المراقبون إن حادثة الاغتيال تؤكد كيف تُجعل الولايات المتحدة غالبًا فى صورة الشريك الأصغر فى العلاقة مع إسرائيل. وصرح مات داس، مستشار السياسة الخارجية السابق لبرنى ساندرز، إن الاغتيال يمثل حالة أخرى من “الإهانات والإذلالات المتكررة من نتنياهو، والتى بلغت ذروتها فى هذه اللحظة السخيفة الأسبوع الماضي، حيث جاء وتحدث أمام الكونجرس مرة أخرى، لتقويض اقتراح بايدن لوقف إطلاق النار. ومع ذلك، يرفض بايدن، الذى يضع كل هذا القدر من الثقة فى العلاقات الشخصية، تغيير المسار”.
وأضاف داس أن بايدن برفضه السيطرة على إمدادات الأسلحة الأمريكية كوسيلة للضغط على إسرائيل، فقد ترك نتنياهو حرًا فى متابعة الحرب.
وأعرب بايدن فى وقت لاحق عن إحباطه، وقال للصحافيين: “لدينا الأساس لوقف إطلاق النار. يجب عليهم التحرك الآن”. وعندما سُئل عما إذا كان اغتيال هنية قد أفسد احتمال التوصل إلى اتفاق، قال الرئيس: “لم يساعد على ذلك”.
وفى تحليل وينتور، يمثل الاغتيال مؤشراً آخر على أن إدارة بايدن لا تستطيع الاستفادة من علاقة أمنية تقيمها مع سياسى لا تتقاسم أساليبه وأهدافه، وتشتبه فى أنه يريد انتصار منافسها السياسى فى الانتخابات الأمريكية فى نوفمبر. والنقطة المهمة أيضًا هى فعالية الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية طويلة الأجل لتفكيك حماس، بما فى ذلك استخدام الاغتيالات على أراض أجنبية.
ووفقاً لمنظمة بيانات مواقع وأحداث النزاعات المسلحة (ACLED) غير الحكومية التى تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها، شنت إسرائيل 34 هجوماً فى المجموع أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 39 قائداً وعضواً كبيراً فى حماس وحزب الله والحرس الثورى فى لبنان وسوريا وإيران فى الأشهر العشرة الماضية.
ويصف هيو لوفات، المتخصص فى شؤون الشرق الأوسط فى المجلس الأوروبى للعلاقات الخارجية، عمليات القتل بأنها انتصار تكتيكي، لكنها هزيمة استراتيجية. وقال: “كان هنية من أنصار المصالحة الفلسطينية ووقف إطلاق النار؛ لذا فإن إخراجه من المعادلة له تأثير على ديناميات السلطة الداخلية فى الحركة من خلال تقوية المتشددين، على الأقل فى الفترة الحالية”.
وأضاف لوفات أن نتنياهو كان يقوض موقف هنية “بالتراجع عن المواقف المتفق عليها والتصريح بأنه بمجرد إطلاق سراح الرهائن سنستأنف القتال مع حماس”.
وقال نيكولاس هوبتون، السفير البريطانى السابق فى طهران، إنه يخشى أن يكون الاغتيال جزءاً من محاولة متعمدة لتحطيم آمال الرئيس الإيرانى الجديد مسعود بزشكيان فى إعادة بناء العلاقات مع الغرب.
وقال هوبتون إن بزشكيان “ذهب إلى البرلمان مرتدياً زى الحرس الثورى الإسلامى – لكنه كان سيحاول إقامة علاقات مع الغرب”. وأضاف “أعتقد أن القائد الأعلى متشكك بشدة فى أن هذا سيقود إلى أى نتيجة، لكنه اعتقد أن الأمر يستحق المحاولة. ربما بات بزشكيان الآن محبطاً على الفور، وأعتقد أن هذا هو ما كان اغتيال هنية فى طهران معداً فى جزء منه لتحقيقه”.
وفى إيران، قال محمد سالاري، الأمين العام لحزب التضامن الإسلامي، إن الاغتيال يجب أن يُنظر إليه على أنه أكثر من مجرد إزاحة لشخصية سياسية واحدة، وأن الهدف الخفى وراء هذا التهديد هو حجب سياسة الحكومة الجديدة المتمثلة فى التعامل وخفض التصعيد، على حد تعبيره.
وأضاف: “سيبذل نتنياهو كل جهوده لوضع عراقيل فى طريق تحقيق السياسة الخارجية الإيرانية المتوازنة، وتحسين العلاقات مع الدول الأوروبية، وإدارة التوترات مع الولايات المتحدة، تماماً كما حدث أثناء المفاوضات النووية”.
وقال المحلل الدبلوماسى لصحيفة “الجارديان” فى نهاية مقاله “لذلك، عندما هدد زعيم حزب الله، حسن نصر الله، بمعركة مفتوحة على جميع الجبهات، فمن المحتمل أنه كان يقصد، وفقاً للوفات، رداً متعدد الجوانب مصمماً لا لإشعال حرب إقليمية، بل للذهاب إلى أبعد من الرد الذى شنته إيران وحدها فى أبريل”. ولفت إلى أن نصر الله أضاف نداءً إلى البيت الأبيض: “إذا كان أى أحد فى العالم يريد حقاً منع حرب إقليمية أكثر خطورة، فعليه أن يضغط على إسرائيل لوقف عدوانها على غزة”. وفى الوقت الحالي، لا يزال هذا النداء دون إستجابة.