دعا الأربعاء رئيس الأركان الإسرائيلي جنوده إلى الاستعداد لـ”دخول محتمل” إلى لبنان، فيما أعلن الجيش الإسرائيلي أنه استدعى لواءين احتياطيين من أجل “مهام عملياتية” في الشمال.
وخاطب هرتسي هاليفي عناصر لواء مدرع بحسب بيان أصدره الجيش قائلا: “يمكنكم سماع الطائرات هنا. نحن نهاجم طوال اليوم. والهدف هو التمهيد لدخولكم المحتمل وأيضا مواصلة ضرب حزب الله”.
وقال هاليفي “لن نتوقف. سنواصل مهاجمتهم وإيذاءهم في كل مكان” مضيفاً أن هذه التحركات “ستسمح لنا بإعادة سكان الشمال بأمان في وقت لاحق”.
ولم يتضمن البيان تفاصيل بشأن اللواءين اللذين تم استدعاؤهما.
ويتألف لواء المشاة الإسرائيلي عادة من حوالى 1000 إلى 2000 جندي، في حين يتألف لواء الدبابات المدرع من حوالي 100 دبابة.
وتتواصل الغارات الإسرائيلية على مناطق مختلفة في لبنان، وتسببت في مقتل 51 شخصاً على الأقل الأربعاء وإصابة 223 آخرين، بحسب ما أفاد وزير الصحة اللبناني فراس الأبيض خلال مؤتمر صحفي، في وقت يقترب فيه عدد النازحين اللبنانيين من “نصف مليون”.
وعلى الجانب الآخر، أعلن مدير الإسعاف الإسرائيلي إصابة 3 إسرائيليين، أحدهم في حالة خطيرة، جراء سقوط شظايا صواريخ في كيبوتس ساعر قرب نهاريا شمالي إسرائيل.
وبحسب مراسل بي بي سي، سُمع دوي 10 اعتراضات على الأقل من منظومة القبة الحديدية بين مدينة حيفا والناصرة.
فيما تبنّت فصائل “المقاومة الإسلامية في العراق” مساء الأربعاء هجوما “بالطيران المسيّر” على مدينة إيلات في إسرائيل، أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض مسيرة أُطلقت من الشرق ورصد سقوط أخرى في المنطقة.
ودعا فصيل “كتائب حزب الله” المسلّح في العراق الفصائل الموالية لإيران إلى “زيادة منسوب وحجم عملياتها ومستوى تهديدها” لإسرائيل، فيما يواصل الجيش الإسرائيلي غاراته على أنحاء مختلفة من لبنان.
وفجر الأربعاء، أعلن حزب الله إطلاق صاروخ بالستي نحو تل أبيب للمرة الأولى منذ بدء التصعيد قبل نحو عام، مستهدفاً مقراً لجهاز الموساد، لكن الجيش الإسرائيلي اعترضه.
وتستهدف غارات إسرائيلية عنيفة منذ الإثنين جنوب لبنان وشرقه، في تصعيد حاد للنزاع المتواصل بين إسرائيل وحزب الله منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، على خلفية حرب غزة.
وأعلنت إسرائيل في منتصف سبتمبر/أيلول، توسيع أهداف الحرب في غزة لتشمل إعادة سكان شمال إسرائيل الذين نزحوا بسبب تبادل القصف مع حزب الله منذ بدء الحرب في غزة، إلى منازلهم، مدشنة بذلك سلسلة عمليات عسكرية عنيفة ضد حزب الله.
ويؤكّد حزب الله من جانبه أنه سيواصل مهاجمة إسرائيل “حتى ينتهي العدوان على غزة”.
نزوح مئات الآلاف
دفع القصف والغارات العنيفة مئات الآلاف من اللبنانيين إلى النزوح من منازلهم.
وقالت نور حمد (22 عاماً)، وهي طالبة جامعية من مدينة بعلبك، “نعيش حالة من الرعب منذ أربعة أيام، ننام ولا نعرف إذا كنا سنستيقظ أم لا… صوت القصف مخيف جدا يخيف الأطفال والكبار… لم أعد قادرة على سماع أي صوت”، وفق ما أوردت فرانس برس.
وأضافت: “لا يمكن أن نصف مرارة ما يحصل معنا ولا يستطيع أي إنسان أن يتحمله. لا نريد أن نبقى هكذا… نريد أن تُحلّ الأمور ونعود إلى حياتنا الطبيعية”.
وكان وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب قد أعلن أنّ عدد النازحين اللبنانيين بسبب التصعيد الحالي بين إسرائيل وحزب الله “يقترب من نصف مليون” نازح.
وبدأ التصعيد الأخير إثر موجة تفجير أجهزة الإرسال التي نسبها حزب الله لإسرائيل في 17 و18 سبتمبر/أيلول، وأسفرت عن مقتل أكثر من ثمانين شخصاً وإصابة نحو ثلاثة آلاف آخرين. وتلتها غارة إسرائيلية في 20 أيلول/سبتمبر على الضاحية الجنوبية لبيروت قتل فيها 16 من قادة قوة الرضوان التابعة للحزب، والتي تعد وحدة النخبة فيه، بينهم قائدها.
وأعلن حزب الله الثلاثاء مقتل إبراهيم محمد قبيسي، أحد قادته العسكريين، في غارة إسرائيلية في الغبيري في الضاحية الجنوبية لبيروت أسفرت، وفق وزارة الصحة، عن مقتل ستة أشخاص وإصابة 15 آخرين.
وتقرّر إبقاء المدارس والجامعات مغلقة حتى نهاية الأسبوع في لبنان، وأوقفت العديد من شركات الطيران رحلاتها إلى بيروت.
ردود فعل وجهود دبلوماسية لاحتواء التصعيد
حذر الرئيس الأمريكي جو بايدن الأربعاء من خطر اندلاع “حرب شاملة” في الشرق الأوسط، الأمر الذي اعتبره “محتملاً”، وأضاف بايدن في مقابلة مع شبكة ايه بي سي أنه يعتقد “أنه لا يزال بالإمكان التوصل إلى اتفاق يمكنه أن يغير المنطقة برمتها”.
وتقود الولايات المتحدة جهدا دبلوماسيا جديدا لإنهاء الحرب في كل من غزة ولبنان، وتجري مناقشة التفاصيل في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، بحسب وكالة رويترز.
ويلتقي بايدن بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، وذلك بعد طلب فرنسا لمجلس الأمن الدولي النظر بشكل طارىء مساء الأربعاء في خطر اندلاع حرب شاملة في الشرق الاوسط .
فيما أعلنت سلوفينيا (الرئيس الحالي لمجلس الأمن) أن المجلس سيجتمع الساعة 22.00 بتوقيت غرينتش الأربعاء لبحث احتدام القتال بين لبنان واسرائيل.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من على منبر الأمم المتحدة إن “الخطر الرئيسي راهنا هو (خطر) التصعيد” في الشرق الاوسط، معربا عن تعاطفه مع لبنان والشعب اللبناني.
كذلك، أكد أن حزب الله “يجازف منذ وقت طويل جدا بجر لبنان الى الحرب”، الامر الذي دفع “إسرائيل الى توسيع عملياتها” ولكن ليس “من دون عواقب”.
وقال ماكرون إن فرنسا تطالب الجميع بالوفاء بالتزاماتهم على طول الخط الازرق الذي رسمته الامم المتحدة بين اسرائيل ولبنان، مؤكدا أن باريس ستتحرك “من أجل بلورة مسار دبلوماسي لا غنى عنه يهدف الى تحييد السكان المدنيين والحؤول دون انفجار إقليمي”.
وقد بحث رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي في نيويورك الأربعاء مع وزير الخارجية الأمريكي مساعي وقف إطلاق النار بحضور وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب، والموفد الرئاسي الأمريكي آموس هوكستين وفق ما ذكرت وكالة الأنباء اللبنانية.
كما أبلغ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء اللبناني أن على المجتمع الدولي أن ينفذ بشكل عاجل حلا لوقف العدوان الإسرائيلي، بحسب الرئاسة التركية.
من جانب آخر ذكرت هيئة البث الإسرائيلية، أن رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو قال خلال مشاورات أمنية، إن أي مفاوضات مع حزب الله “ستكون طويلة وتحت الضغط العسكري”.
وكان نتنياهو قد قال في وقت سابق الأربعاء إن إسرائيل ستستخدم “القوة الكاملة” في لبنان حتى عودة سكان الشمال، ورغم ذلك أفادت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، نقلاً عن مصدر إسرائيلي لم تذكر هويته، أن رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو، أعطى “ضوءً أخضر” للاتصالات مع الولايات المتحدة، للتوصل إلى تهدئة مع حزب الله.
ونسبت الصحيفة للمصدر قوله “إننا نقترب من مفترق طرق، لتحديد إلى أين تتجه الحرب”.
وأرجأ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رحلته إلى الولايات المتحدة لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بسبب التصعيد، لكنه لم يعلن إلغاءها بالكامل.
وقال المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي الأربعاء في لقاء مع عسكريين قدامى إن “بعض القوى الفاعلة والقيّمة في حزب الله استشهدت، وهذا بلا شك ألحق ضربات بحزب الله، لكن قوة حزب الله أكبر من أن تنهزم أمام العدو، والاغتيالات لن تهزّ حزب الله”.
وحذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن لبنان يقف “على حافة الهاوية”.
وحذّر الرئيس الأميركي جو بايدن من “حرب شاملة” في لبنان، مؤكدا على ضرورة “وضع اللمسات الأخيرة” على اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة.
ويعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعاً طارئاً الأربعاء، بناءً على طلب فرنسا. وهيمنت المخاوف من التصعيد في المنطقة على اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
وحذّر وزراء خارجية مصر والعراق والأردن من أن “إسرائيل تدفع المنطقة نحو حرب شاملة”، منددين بـ”العدوان الإسرائيلي على لبنان”.
وعبّر مفوض وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني عن خشيته من “حرب شاملة” ومن أن يتحوّل لبنان إلى غزة ثانية، التي دمرتها الحرب الدائرة فيها منذ نحو عام.
Source link
اضف تعليقك