يلعب صندوق الاستثمارات العامة السعودي «PIF» دوراً أساسياً في تحقيق طموحات المملكة للنهوض بمستقبل الهيدروجين كمصدرٍ نموذجي للطاقة البديلة بما يعزّز مكانة المملكة كمركز عالمي لإنتاج الهيدروجين.
يأتي ذلك في ظل التنامي المتسارع لحركة تحول الطاقة عالمياً، وتوقع وكالة الطاقة الدولية نمو حجم استثمارات الطاقة النظيفة بحلول 2030 بنسبة تصل إلى 50 في المئة مقارنة بالمعدلات الراهنة، تتزايد أهمية طاقة الهيدروجين في مزيج الطاقة النظيفة العالمي، مع ما يتمتع به الهيدروجين من مقومات تجعله مصدراً مستداماً لإنتاج طاقة آمنة ونظيفة بأقل قدر من الانبعاثات في قطاعات يصعب تخفيف الانبعاثات فيها، مثل النشاط الصناعي، والنقل الثقيل.
واللافت تاريخياً أن العالم اليوم يُعيد اكتشاف الهيدروجين وأهميته، إذ إن استخدام هذا الغاز كمصدر للطاقة يعود فعلياً إلى بداية الثورة الصناعية، مع المحرك الذي اخترعه فرنسواس دي ريفاز عام 1807، ليكون واحداً من أوائل محركات الاحتراق الداخلي في التاريخ.
ولتحقيق الاستفادة القصوى من الهيدروجين في مجال إنتاج الطاقة مع الالتزام بأهداف الحياد الصفري، ينبغي الاختيار بين مجموعة متنوعة من أساليب إنتاج هذا الغاز من خلال التحليل الكهربائي للمياه، وأفضلها الهيدروجين «الأخضر» الذي يُنتج باستخدام مصادر طاقة متجددة مثل الرياح أو الشمس، ومن بعده «الأزرق» الذي يُنتج باستخدام الغاز الطبيعي مع التقاط مخلفات الكربون، و«الرمادي» الذي يُنتج بالغاز أيضا لكن من دون التقاط تلك المخلفات، ومن ثم «الأسود والبنّي» وكلاهما يعتمد على الفحم لإنتاجه، و«الوردي» المعتمد على الطاقة النووية، و«الأبيض» الموجود بشكل طبيعي.
طاقة المستقبل
وانطلاقاً من مبدأ تحويل التحديات إلى فرص نمو مستدامة، والتزامها بتوليد 50 في المئة من احتياجات الطاقة الوطنية من مصادر متجددة وفقاً لمستهدفات رؤية السعودية 2030، أطلقت المملكة استراتيجية وطنية طموحة في عام 2020، تهدف إلى تحويل السعودية إلى مصدر رئيسي لهذا الوقود منخفض الكربون مع نهاية العقد الحالي، من خلال إنتاج الهيدروجين الأزرق والأخضر تحديداً، وهما الأكثر كفاءة على صعيد الحد من انبعاثات الكربون، وإن كان إنتاجهما هو الأصعب بحكم الحاجة الكبيرة للطاقة المتجددة.
وشكّلت هذه العوامل دافعاً أساسياً لصندوق الاستثمارات العامة للنهوض بمستقبل الهيدروجين كمصدرٍ نموذجيٍ للطاقة البديلة بما يعزّز مكانة المملكة كمركز عالمي لإنتاج الهيدروجين ويحقق عوائد استثمارية مستدامة إلى جانب دوره في تحقيق هدف الوصول إلى الحياد الصفري بحلول عام 2050 بالنسبة للصندوق، و2060 بالنسبة للمملكة.
وتتكامل رؤى الصندوق لهذا القطاع من خلال جمع أطراف المعادلة كافة، عبر استثماراته الكبرى في مجال إنتاج الطاقة النظيفة، وخاصة الطاقة الشمسية، واستخدامها لاحقاً لتزويد الأسواق المحلية والدولية بالهيدروجين الأخضر الحيوي للمستقبل.
الأكبر في العالم
ويعمل الصندوق على هذا المسار من خلال مجموعة مبادرات ومشاريع كبرى ضمن محفظة الشركات التابعة له، وقد شرعت «نيوم»، أحد مكونات محفظة المشاريع الكبرى التابعة للصندوق، بتطوير أكبر مصنعٍ للهيدروجين الأخضر في العالم بقيمةٍ إجماليةٍ تبلغ 8.4 مليار دولار، من خلال شركة نيوم للهيدروجين الأخضر. وسيستفيد المصنع من نحو 4 غيغاواط من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، لإنتاج ما يصل إلى 600 طنٍ يومياً من الهيدروجين الخالي من الكربون.
اضف تعليقك