لا تزال المشاعر المناهضة للسياحة تتنامى في إسبانيا، رغم اقتراب فصل الشتاء. ولا يبدو أن الأمور ستتغير، خصوصا بعد الأحداث الأخيرة في مناطق سياحية شهيرة، حيث ضربت موجة من أعمال التخريب شاطئين شهيرين في لوس كريستيانوس في تينيريفي الأسبوع الماضي. فما أسباب ذلك؟ وهل يجمع الإسبان على الاحتجاج ضد السياحة؟
عبارات رافضة واستنكارية، بعث بها مجهولون مناهضون للحركة السياحية، كتبوها على أسرّة التشميس المنتشرة على الشواطىء، وعددها يتجاوز 230 كرسيا. ومن تلك العبارات: “جزر الكناري تدافع عن نفسها” و”جزر الكناري ليست للبيع”.
اكتُشف ذلك في الساعات الأولى من صباح يوم الخميس، الخامس من كانون الأول/ ديسمبر، في كل من شاطئ لاس فيستاس وإل كاميسون، ووصف مجلس مدينة أرونا ذلك بأنه “هجوم منسق”.
وتعرضت لاس فيستاس لتدمير 100 كرسي للتشمس، بينما تعرض مركز تسوق قريب للتشويه بالكتابة على الجدران.
ويُظهر مقطع فيديو، نُشر على الإنترنت في الأيام التالية، المخربين وهم يدمرون كراسي التشمس بسكين. وذكرت صحيفة كناري ويكلي أن الأضرار تقدر بـ5,000 يورو.
وقالت عمدة المدينة فاتيما ليميس في بيان لها: “نحن ضد جميع أنواع التخريب وانعدام التمدن لدى بعض الأشخاص الذين يهاجمون تراث أرونا، ما يسبب ضررًا خطيرًا للسكان والزوار”. وأكدت أن القانون يعاقب على مثل هذه الانتهاكات، وناشدت المواطنين للمساعدة في التعرف على الجناة.
أحدث التطورات المناهضة للسياحة
أصبحت جزر الكناري نقطة ساخنة لمناهضة للسياحة. إذ خرج عشرات الآلاف من المحتجين إلى الشوارع بالأرخبيل في أبريل/نيسان، للمطالبة بالحد مما يعتبرونه تنمية غير منضبطة يرون أنها تضر بالبيئة وطريقة حياة الناس. وأضرب بعض النشطاء عن الطعام في تينيريفي، في محاولة لوقف بناء فندق ومنتجع جديد على الشاطىء.
وامتدت المظاهرات إلى العديد من الوجهات السياحية الشهيرة في إسبانيا، بما في ذلك جزر البليار وأليكانتي ومدن مختلفة على الساحل الجنوبي وبرشلونة. وكانت الاحتجاجات سلمية في معظم الحالات، على الرغم من ورود بعض التقارير عن رش الأجانب بمسدسات المياه والصراخ عليهم “عودوا إلى دياركم”.
ومع ذلك، كانت بعض الأنشطة أكثر إثارة للقلق. ففي تموز/ يوليو، تم تلطيخ أقفال الشقق في إشبيلية بالبراز،وسط مطالبات بإنهاء تراخيص شركة إير بي آند بي للشقق الفندقية (Airbnb).
وفي أكتوبر/تشرين الأول، اقتحم متظاهرون مناهضون للسياحة الشاطئ في بلايا دي لاس أميريكاس، في تينيريفي، وهم يلوحون بالأعلام ويقرعون الطبول، واحتشدوا حول الزوار الذين كانوا يتشمسون، في محاولة لتخويفهم.
كانت هناك محاولة لتهدئة الوضع في العديد من المدن والمناطق. ففي برشلونة، على سبيل المثال، سيتم حظر الشقق السياحية قصيرة الأجل في برشلونة اعتباراً من عام 2028. كما تضع بالما دي مايوركا حداً أقصى لعدد البواخر السياحية التي يمكن أن ترسو في الميناء.
ما سبب الاستياء من السياحة؟
يؤكد المحتجون الذين تواصلت معهم وسائل الإعلام أنهم ليسوا ضد قطاع السياحة في حد ذاته. فهي توفر أكثر من ثلث المدخلات الاقتصادية لجزر الكناري و40 بالمئة من الوظائف، لذا فإن السكان المحليين يدركون قيمة الزوار.
قال الناشط دانيال كابريرا لصحيفة ذا ستاندرد: “نحن نريد السياحة. ما لا نريده هو الاستغلال المفرط وسياحة القمامة التي لا تفيد الاقتصاد المحلي”. وأوضح كذلك أن 75 في المئة من أموال فنادق الجزيرة وغيرها من الأعمال التجارية ينتهي بها المطاف خارج إسبانيا.
وتكمن المشكلة في ما يعتبره السكان المحليون توسعاً غير منضبط للسياحة في البلاد. ويقولون إن هذا يؤدي إلى ارتفاع تكاليف السكن، والمشاكل البيئية والضغط على الخدمات العامة.
ولكن على النقيض، نظّم أوغوستو فيريرا وهو صاحب مطعم في جزر الكناري، مظاهرة مضادة بعنوان “لانزاروتي تحب السياحة”، في محاولة لتسليط الضوء على أهمية السياحة لاقتصاد الجزر.
أفاد المعهد الوطني الإسباني للإحصاء بزيادة سنوية بنسبة 10.3 في المئة في عدد الزيارات إلى جزر الكناري سنويا، مع وصول 14 مليون سائح من الخارج في عام 2023. وجلب هؤلاء 20 مليار يورو إلى الجزر، وهو رقم قياسي.
Source link
اضف تعليقك