
كثفت البنوك والتجار، خلال عام 2025، عملياتهم وتداولاتهم اللوجستية في قطاع المعادن الثمينة، في مسعى للاستفادة من الارتفاع التاريخي الذي سجلته أسعار الذهب في الأسواق العالمية.
التداولات اللوجستية تشير إلى الأنشطة المرتبطة بحركة ونقل وتخزين وإدارة المعادن الثمينة ضمن عمليات البيع والشراء، وليس التداول المالي فقط.
ولفتت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية إلى أنه في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية، ولاسيما بين الولايات المتحدة وفنزويلا، والتكهنات بشأن خفض أسعار الفائدة الأمريكية، فقد تعززت أسعار الذهب ليصل إلى 4500 دولار للأوقية، وقفزت أسعار الفضة متجاوزة حاجز الـ70 دولاراً للأوقية.
وتعكس تلك الزيادات مكاسب سنوية بلغت 71 في المائة للذهب و150 في المائة للفضة، ما خلق بيئة تداول مربحة وجاذبة للمؤسسات المالية.
وحققت إيرادات أقسام تداول المعادن الثمينة في 12 بنكاً رائداً صعوداً حاداً بنسبة 50 في المائة في الأشهر التسعة الأولى من عام 2025 مقابل الفترة ذاتها من العام الماضي، لتصل إلى نحو 1.4 مليار دولار.
ومن المتوقع أن يقود هذا التوجه عام 2025 ليصبح أكثر الأعوام ربحية بالنسبة لتجارة الذهب منذ عام 2020.
وتشير الصحيفة إلى أنه حتى البنوك التي انسحبت في السابق من تجارة المعادن الثمينة، مثل “سوسيتيه جنرال” و”مورجان ستانلي”، عاودت نشاطها للاستثمار في القطاع مجدداً.
كما يستقطب السوق المزدهر منافسة من كيانات غير مصرفية؛ فشركات مثل مصفاة التكرير “إم كيه إس بامب” السويسرية، ومنصة “ستون إكس” المالية كثفت من عملياتها في تجارة السبائك الذهبية، بما يشير إلى “ديمقراطية السوق”، حسب توصيف رئيس قسم المعادن في المنصة، مايكل سكينر، معتبراً أن السوق سوف يستفيد من ازدياد عدد المشاركين فيه.
وقد افتتحت الشركة، التي لديها فعلياً تعاملات نشطة في تجارة الذهب، خزينة جديدة لها في بورصة “كومكس” في نيويورك، كما وسعت منشآتها لتكرير الذهب في بريطانيا، التي اشترتها العام الماضي.
تاريخياً، كان ينظر إلى تجارة الخزائن على أنها ذات هوامش ربحية منخفضة، غير أنها باتت اليوم تشهد انتعاشاً ملحوظاً، في ضوء ما أبدته بنوك كبرى مثل، سيتي جروب، من اهتمام كبير بافتتاح خزائن جديدة لها. وأصبح الوصول إلى الخزائن من المصادر المدرة للدخل في المشهد السوقي الحالي، حتى أن بعض البنوك مثل “باركليز”، التي تخلت عن خزائنها في السابق، أخذت تعيد النظر في قرارها الآن.
تخطط شركة “إم كيه إس بامب”، التي استحوذت على خزائن “بنك سكوتيا” في نيويورك، لابتكار أساليب جديدة لتداول “خيارات الذهب”، والتوسع في عملياتها داخل الولايات المتحدة، في مسعى منها لترسيخ مكانتها كشركة رائدة عالمياً في مجال تداول المعادن الثمينة.
وتسلط “فاينانشيال تايمز” الضوء على مفارقة أنه برغم المزايا التي تتمتع بها الميزانيات الختامية الضخمة لبنوك وول ستريت خلال تلك الطفرة السعرية، فإن الجهات الفاعلة غير المصرفية باتت تمتلك خبرة أفضل في الحصول على السبائك الذهبية، وهي أمر ضروري للامتثال للمعايير التي وضعتها “جمعية سوق لندن للسبائك”.
ويرى خبراء المعادن الثمينة أن الاهتمام المتجدد بتداول المعدن الثمين، والربحية في تجارة السبائك يمثلان تحولاً إيجابياً، بما يعد تناقضاً صارخاً مع فترات الإهمال السابقة.




اضف تعليقك