صدر الصورة، AFP via Getty Images
أعلنت جامعة الدول العربية عقد اجتماع طارئ على مستوى المندوبين الدائمين الأحد، لبحث التطورات المرتبطة بإعلان إسرائيل الاعتراف بمنطقة أرض الصومال كدولة مستقلة، وذلك “بناء على طلب دولة الصومال وتأييد الدول العربية الأعضاء”.
وقالت الجامعة إن الاجتماع “يؤكد الرفض العربي القاطع لأي إجراءات أو قرارات أحادية من شأنها المساس بسيادة جمهورية الصومال الفيدرالية ووحدة أراضيها، والتشديد على الالتزام بمبادئ القانون الدولي وقرارات الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي ذات الصلة”.
كما “يناقش الاجتماع سبل تعزيز الموقف العربي المشترك في مواجهة هذه الخطوة، والتأكيد على التضامن الكامل مع الصومال ودعم مؤسساتها الشرعية، بما يسهم في الحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة”، وفق الجامعة.
ودولياً، من المقرر أن يعقد مجلس الأمن الدولي، مساء الاثنين، جلسة طارئة بشأن الخطوة الإسرائيلية.
في غضون ذلك، دعا الاتحاد الأوروبي إلى احترام سيادة الصومال.
وقال الناطق باسم الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي، أنور العنوني، في بيان، إن التكتل “يؤكد مجدداً أهمية احترام وحدة وسيادة وسلامة أراضي جمهورية الصومال الفدرالية وفقاً لدستورها ومواثيق الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة”.
وأضاف في بيان، “هذا أمر أساسي من أجل السلام والاستقرار في منطقة القرن الأفريقي برمّتها”.
وتابع “يشجع الاتحاد الأوروبي على الحوار الهادف بين أرض الصومال والحكومة الفدرالية الصومالية لحل الخلافات القائمة منذ فترة طويلة”.
صدر الصورة، AFP via Getty Images
ميدانياً، تجمع العشرات في مدينة هرجيسا للاحتفال، ملوحين بأعلام منطقة أرض الصومال، بعد الاعتراف الإسرائيلي.
غير أن حركة الشباب الصومالية، المرتبطة بتنظيم القاعدة، تعهدت بمواجهة أي محاولة من جانب إسرائيل “للمطالبة بأجزاء من أرض الصومال أو استخدامها”.
وقالت حركة الشباب في بيان “لن نقبل بذلك، وسنحاربه”، بحسب ما نقلت وكالة فرانس برس.
وأضافت أنّ اعتراف إسرائيل بجمهورية أرض الصومال أظهر أنّها “قررت التوسع إلى أجزاء من الأراضي الصومالية” لدعم “الإدارة المرتدة في المناطق الشمالية الغربية”.
رفض عربي وإسلامي
أكد وزراء خارجية مصر والجزائر وجزر القمر وجيبوتي وغامبيا وإيران والعراق والأردن والكويت وليبيا والمالديف ونيجيريا وعمان وباكستان وفلسطين وقطر والسعودية والصومال الفيدرالية والسودان وتركيا واليمن ومنظمة التعاون الإسلامي الرفض القاطع لإعلان إسرائيل يوم السادس والعشرين من ديسمبر/كانون الأول الجاري الاعتراف بإقليم “أرض الصومال”.
وأدان الوزراء في بيان مشترك صدر يوم السبت هذا الاعتراف باعتباره يمثل خرقا سافرا لقواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة الذي أكد على الحفاظ على سيادة الدول، ووحدة وسلامة أراضيها.
كما أكد الوزراء الدعم الكامل لسيادة جمهورية الصومال الفيدرالية، ورفض أي إجراءات من شأنها الإخلال بوحدة الصومال، وسلامته الإقليمية، وسيادته على كامل أراضيه؛ وقالوا إن الاعتراف باستقلال اجزاء من أراضي الدول يمثل سابقة خطيرة وتهديد للسلم والأمن الدوليين وللمبادئ المستقرة للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
وأعرب وزراء الخارجية عن رفضهم القاطع شكلا وموضوعا للربط بين هذا الإجراء وأي مخططات لتهجير أبناء الشعب الفلسطيني خارج أرضه.
وكان الاتحاد الأفريقي أعلن الجمعة رفضه التام لأي اعتراف بسيادة “أرض الصومال”، في أعقاب إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، اعتراف بلاده بأرض الصومال “دولةً مستقلة وذات سيادة”، عقب توقيع إعلان مشترك مع “رئيس أرض الصومال عبد الرحمن محمد عبد الله”، في 26 ديسمبر/كانون أول 2025.
ودعا رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي محمود علي يوسف، في بيان، إلى احترام الحدود الأفريقية، قائلا “إن أي محاولة لتقويض وحدة الصومال وسيادته وسلامة أراضيه، تنذر بإرساء سابقة خطيرة تحمل تداعيات بعيدة المدى تهدد السلام والاستقرار في جميع أنحاء القارة”.
وأكد رئيس الاتحاد الأفريقي الذي تتمتع الصومال بعضويته رفضه القاطع “لأي مبادرة أو إجراء يهدف إلى الاعتراف بأرض الصومال كيانا مستقلا، مضيفا أن أرض الصومال “تبقى جزءا لا يتجزأ من جمهورية الصومال الفدرالية”.
وبإعلان نتنياهو تكون إسرائيل أول دولة في العالم تعترف بهذه المنطقة كدولة مستقلة.
وقال نتنياهو إن الاتفاق جاء “بروح الاتفاقات الإبراهيمية”، مضيفاً أن إسرائيل ستتحرك سريعاً لتوسيع التعاون مع أرض الصومال في مجالات الزراعة والصحة والتكنولوجيا والاقتصاد.
من جانبها، رحّبت حكومة أرض الصومال بالخطوة، ووصفتها بأنها “تاريخية”، وقد تفتح فصلاً جديداً في مسار العلاقات الدبلوماسية والتعاون الدولي. وأكدت “وزارة الخارجية في أرض الصومال” أن إسرائيل اعترفت رسمياً باستقلال “جمهورية أرض الصومال عقب مؤتمر عبر الفيديو جمع الرئيس محمد عبد الله (سيرو) برئيس الوزراء الإسرائيلي.
وأضاف البيان أن الجانبين أكدا حق أرض الصومال في “الاعتراف الكامل والجنسية، والتزماً ببدء مرحلة جديدة من العلاقات الثنائية القوية القائمة على أهداف ومصالح مشتركة”.
الصومال: حرب أهلية وتقسيم بحكم الواقع
صدر الصورة، Getty Images
من الضروري في البداية تقديم ملخص لتاريخ الصومال والحرب الأهلية فيه، لفهم سبب وجود دولة انفصالية داخله تُدعى أرض الصومال، إلى جانب إقليم آخر شبه مستقل يُدعى بونتلاند أو (أرض البنط).
يقع الصومال على الساحل الشرقي لقارة أفريقيا، وهو جزء مما يُعرف بالقرن الأفريقي، يحدّه من الشمال خليج عدن وجيبوتي، ومن الغرب إثيوبيا، والمحيط الهندي شرقاً، وكينيا جنوباً.
لطالما خضع الصومال لسلسلة من السلطنات التي حكمت مناطقه المختلفة منذ وصول الإسلام إليه في القرن السابع الميلادي.
وفي القرن الـ19، دخلت القوى الاستعمارية الأوروبية تدريجياً ضمن الدول الإقليمية المتنافسة على الصومال، وخضع الجزء الأكبر من الصومال للحكم الإيطالي، بينما بسط البريطانيون السيطرة على الجزء الشمالي الغربي.
استقل الصومال عام 1960، وذلك بعد اندماج الأراضي التي كانت خاضعة للسيطرة الإيطالية، والأراضي الخاضعة للسيطرة البريطانية، ليُشكلا ما يعرف بـ “جمهورية الصومال المتحدة”.
في عام 1969، قاد محمد سياد بري، انقلاباً عسكرياً في البلاد، بعد اغتيال الرئيس المنتخب، عبد الرشيد شارماركي، وأعلن الصومال دولة اشتراكية، وقام بتأميم معظم مواردها الاقتصادية.
شهدت فترة حكم بري التي امتدت لـ 22 عاماً صراعات وقلاقل وتمردات ألقت بثقلها على البلاد، وانتهت بالإطاحة به عام 1991، لتدخل البلاد في براثن حرب أهلية دامت عقوداً، بين أمراء حرب يمثلون قبائل متنافسة، والسلطة المركزية المفككة.
وفي العام ذاته، أعلن الجزء الشمالي الذي كان خاضعاً للاستعمار البريطاني سابقاً الاستقلال عن الصومال من جانب واحد، لتنشأ جمهورية “صوماليلاند” أو أرض الصومال، ولم تحظَ الجمهورية باعتراف أي دولة أو منظمة دولية، باستثناء إسرائيل التي اعترفت بها في 26 ديسمبر/كانون أول 2025.
في عام 1998، أعلنت منطقة بونتلاند أو (أرض البنط) الحكم باستثناء إسرائيل التي اعترفت بها في 26 ديسمبر / كانون أول 2025.الذاتي، وعلى عكس ما حصل مع جمهورية أرض الصومال، لم تطالب بونتلاند بالاستقلال الكامل عن الصومال، لكنها فضّلت البقاء ضمن مناطق البلاد، مع تمتعها بحكم ذاتي.
ملاذ القراصنة
صدر الصورة، Getty Images
تقع بونتلاند شمال شرقي الصومال، وتحدها من الجنوب بقية مناطق الصومال، وتحدها جمهورية أرض الصومال من الشمال الغربي.
على الرغم من استقرار بونتلاند النسبي مقارنة ببقية مناطق الصومال، إلا أنها عانت من صراعات مسلحة، وتصدّرت عناوين الأخبار العالمية خلال الفترة ما بين 2005 و 2012، حين ازدادت بشكل كبير وتيرة هجمات القراصنة على سفن الشحن المبحرة قبالة السواحل الصومالية، وشكّلت بونتلاند منطلقاً رئيسياً للقراصنة.
تُعد مدينة غاروي الواقعة في المناطق الداخلية لبونتلاند، عاصمتها الإدارية، فيما تُعد مدينة بوساسو الواقعة على خليج عدن عاصمتها الاقتصادية.
تبلغ مساحة بونتلاند نحو 212 ألف كيلومتر مربع، وهي تشكل بذلك نحو ثلث مساحة الصومال الكلية. يبلغ عدد سكانها نحو 5 ملايين نسمة، ويتحدثون الصومالية والعربية والإنجليزية.
في عام 2024، أعلنت بونتلاند أنها ستعمل كدولة مستقلة “وظيفياً”، وسط نزاعات بشأن تعديلات دستورية في الصومال.
صدر الصورة، Getty Images
تشكل جمهورية أرض الصومال أو (صوماليلاند) الجزء الشمالي الغربي من الصومال، وهو الجزء الذي كان فيما مضى تحت الحماية البريطانية. تقع على الساحل الجنوبي لخليج عدن، وتشغل منطقة شبه صحراوية. تحدّها من الجنوب والغرب إثيوبيا، ومن الشمال جيبوتي وخليج عدن، ومن الشرق تحدّها بونتلاند.
وعلى الرغم من أن أرض الصومال غير معترف بها دولياً، إلا أنها تتمتع بنظام سياسي فعّال، ومؤسسات حكومية، وقوة شرطة، وعملة خاصة بها.
نجت أرض الصومال من الكثير من فصول الفوضى والعنف التي عمّت الصومال في أعقاب اندلاع الحرب الأهلية.
تبلغ مساحة أرض الصومال 177 ألف كيلومتر مربع، وتُعد مدينة هرجيسا عاصمتها، ويبلغ عدد سكانها 5.7 مليون نسمة، ويتحدثون الصومالية والعربية والإنجليزية.
في عام 2024، وقّعت إثيوبيا وأرض الصومال مذكرة تفاهم، تسمح لإثيوبيا، التي لا تمتلك أي سواحل، باستخدام أحد موانئ أرض الصومال، وهي خطوة وصفتها الحكومة المركزية في الصومال بأنها “عمل من أعمال العدوان”.
Source link




اضف تعليقك