صدر الصورة، Getty Images
تحل ذكرى عيد الميلاد المجيد هذا العام، حاملة معها الأمل في نهار جديد تعيشه الأراضي الفلسطينية بعد عامين من الحرب المدمرة في غزة، لترتد أصداء توقف الحرب على بيت لحم، تحديداً في كنيسة المهد.
وبعد عامين من تخفيف مظاهر الاحتفال بعيد الميلاد المجيد في بيت لحم، عادت كنيسة المهد التي تتجه إليها أنظار العالم كل عام، إلى تنظيم المظاهر الاحتفالية.
وأقامت الكنيسة قداس منتصف الليل بحضور فلسطينيين وحجيج من جميع أنحاء العالم ومسؤولين من عدة دول.
وجابت فرق الكشافة شوارع المدينة إيذاناً بعودة الاحتفالات إلى هذه البقعة التي يتوافد عليها المسيحيون من جميع أنحاء العالم في مثل هذا الوقت من العام.
كما دوّت في أرجاء المدينة موسيقى احتفالية وقُرعت الطبول، وانطلقت المزامير بتراتيل عيد الميلاد أثناء اتجاه حشود كبيرة من مختلف الأعمال إلى ساحة المهد للاحتفال بعيد الميلاد.
وطافت مسيرات احتفالية في شوارع المدينة، التي وقف سكانها في الشرفات لاستعادة ذكريات البهجة ما قبل حرب غزة ومشاهدة مظاهر الاحتفال، وصولاً إلى ساحة الكنيسة التي توسطتها شجرة عيد الميلاد العملاقة المزينة بعناية لاستقبال ضيوف هذا الحدث العظيم، وهي الشجرة التي لم تُزين منذ عامين بسبب الحرب على غزة.
دعوات السلام
صدر الصورة، Getty Images
ترأس القداس بطريرك اللاتين، الكاردينال بيير باتيستا بيتسابلا، الذي قال في عظته إن “عيد الميلاد يضع بين أيدينا مسؤوليّة كبيرة، ويأتي بعد سنوات عصيبة، شهدت الحرب والجوع والدمار وأثّرت بشكل كبير في حياة الكثيرين، ولا سيما الصغار”.
وأضاف: “وأصبحت الأوضاع صعبة للغاية نتيجة خيارات وقرارات غالباً ما تضع مصالح القلة فوق الخير العام”.
وأكد أن الأرض المقدسة، ملتقى الشعوب والديانات، وأنها لا تزال مسرحاً لتوتراتٍ وصراعاتٍ تستدعي مسؤولية القادة والمجتمع الدولي، والسلطات الدينية والأخلاقية للوقوف عندها.
جاء هذا بعد زيارة الكاردينال لغزة، حاملاً رسالة إلى العالم من سكانها، إذ قال: “أحمل إليكم التحيات والصلوات من إخوتنا وأخواتنا في غزة”، داعياً بأن يحل السلام في العالم وفي المنطقة.
القداس الأول تضمن إدانة
صدر الصورة، Getty Images
في الفاتيكان، ترأس البابا لاون الرابع عشر قداس عيد الميلاد للمرة الأولى منذ انتخابه رئيساً للكنيسة الكاثوليكية خلفاً للبابا الراحل فرنسيس.
وأدان البابا في أول عظة له بمناسبة عيد الميلاد الخميس “الركام والجروح المفتوحة” التي تخلّفها الحروب، مشيراً على وجه الخصوص إلى الوضع الإنساني في غزة.
وتحدّث بابا الفاتيكان، أثناء قداس في كاتدرائية القديس بطرس، عن “هشاشة السكان العزل الذين اختبروا العديد من الحروب، المتواصلة أو تلك التي انتهت، مخلفة الركام والجروح المفتوحة”.
وقال “كيف يمكننا ألّا نفكر بالخيام في غزة التي تعرّضت على مدى أسابيع للأمطار والرياح والبرد”.
وألقى البابا لاون كلمته وسط حضور الآلاف في ساحة الكنيسة احتفالاً بهذه المناسبة الدينية الأهم على الإطلاق بالنسبة لمسيحيي العالم.
وحضر القداس مسؤولون وشخصيات دينية وسياسية ودبلوماسية بارزة على مستوى العالم، وبلغ عدد الحضور حوالي ستة آلاف شخص.
وأكد بابا الفاتيكان أن عيد الميلاد “احتفال بالإيمان، والإحسان والأمل”، وهو ما جاء بعد يوم واحد من تصريحات أدلى بها عن السلام، داعياً إلى “هدنة سلام في جميع أنحاء العالم”.
وقال لوسائل إعلام قبيل حضور القداس: “أجدد طلبي إلى جميع أصحاب النوايا الحسنة باحترام يوم السلام، على الأقل في يوم الاحتفال بعيد ميلاد مخلصنا”.
وأجرى البابا لاون تغييرات على مراسم الاحتفال بعيد الميلاد هذا العام، عامه الأول في هذا المنصب الديني المسيحي الأعلى على الإطلاق، وهي التغييرات التي تضمنت إقامة القداس الليلي لعيد الميلاد في موعد مختلف عن ذلك الذي كان يُقام فيه في عهد الراحل البابا فرنسيس.
كما أقام بابا الفاتيكان الجديد، 70 سنة، قداساً آخراً في يوم عيد الميلاد الخميس، وهو قداس نهاري.
غزة “تحتفل” بأعياد الميلاد
صدر الصورة، Getty Images
رغم الدمار الهائل الذي تعرضت له غزة في السنوات الماضية، كانت هناك بعض مظاهر الاحتفال بأعياد الميلاد في القطاع.
وهذه هي المرة الأولى التي تُقام فيها احتفالات بأعياد الميلاد منذ عامين، إذ كانت الحرب تلتهم القطاع بلا هوادة خلال تلك الفترة.
وحُرم المسيحيون في غزة من احتفالات أعياد الميلاد عامي 2023 و2024 لتقتصر على بعض الشعائر الدينية وقيام صلوات فردية داخل الكنائس وأماكن الإيواء تحت القصف الإسرائيلي المستمر.
كما زار البطريرك بيتسابالا قد غزة في عطلة نهاية الأسبوع، وترأس قداس عيد الميلاد في رعية العائلة المقدسة بمدينة غزة الأحد.
رغم ذلك، اقتصرت الاحتفالات بعيد الميلاد في غزة على الاحتفالات الدينية دون وجود أي مظاهر احتفال عامة في شوارع القطاع.
وقال الأب جورج أنطون، مدير عمليات البطريركية اللاتينية في غزة لبي بي سي نيوز عربي: “لن تكون هناك مظاهر احتفال عامة هذا العام، لكن الاحتفال الديني سيكون حاضراً دائماً”.
وأوضح بالقول إنه “سيكون هناك قداس إلهي ومراسم كاملة، لكن المظاهر العامة مثل إضاءة الشجرة والفعاليات العائلية أُلغيَت، لأننا لا نزال نعيش آثار الحرب، والناس لم تتجاوز بعد، مشاعر الإحباط والاكتئاب والحزن”.
وطالت الحرب العديد من دور العبادة في قطاع غزة التي تنوعت بين مساجد وكنائس على مدار عامين وأكثر.
ومن بين دور العبادة المسيحية التي طالتها آثار الحرب في غزة، ثلاث كنائس رئيسية، وهي كنيسة القديس بورفيريوس للروم الأرثوذكس، وكنيسة العائلة المقدسة (اللاتين/الكاثوليك)، والكنيسة المعمدانية الإنجيلية.
وأدى ذلك إلى تدمير أجزاء من هذه المباني، ومقتل وإصابة عدد من أبناء الطائفة المسيحية، بينهم نساء وأطفال وكبار السن.
Source link





اضف تعليقك