- Author, ريها كانسارا- غنجة حبيبي آزاد
- Role, بي بي سي
تحدثت نساء في إيران إلى هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) عن قيام السلطات بالتجسس على أنشطتهن عبر الإنترنت، ما أدى إلى تعرضهن للاعتقال والتهديد والضرب.
وكثفت إيران المراقبة في أعقاب الاحتجاجات المناهضة للنظام الحاكم- والتي قادتها النساء على مستوى البلاد بعد وفاة مهسا أميني، البالغة من العمر 22 عاما، أثناء احتجازها لدى الشرطة قبل عامين- والتي اعتقلت بتهمة عدم ارتداء الحجاب بشكل صحيح.
تحذير: يحتوي هذا التقرير على أوصاف للعنف. تم تغيير بعض الأسماء بغرض إخفاء هويات الأفراد.
مثل العديد من النساء اللائي ألهمتهنّ الاحتجاجات، نشرت “أليف” صورة على وسائل التواصل الاجتماعي تكشف فيها عن شعرها ينساب بحرية في مكان عام. كان ذلك بمثابة عمل بسيط من التضامن مع الحركة الاحتجاجية ضد ارتداء الحجاب القسري.
قالت: “لم أهتم حقا بما يكفي لإخفاء هويتي أو مكان التقاط الصورة. أردت أن أقول: نحن موجودات”.
لكن السلطات، التي كانت تحاول سحق الاحتجاجات، شاهدت الصورة، وقُبض على “أليف”.
وتقول إنه عُصب عينيها وقُيّدت يديها واقتيدت إلى مكان مجهول، حيث ظلت في الحبس الانفرادي لمدة أسبوعين تقريبا، كما استجوبت عدة مرات.
وفي إحدى جلسات الاستجواب، تقول إن محققيها حاولوا انتزاع اعتراف منها بالإكراه. وأُجبرت على تسليم هاتفها لحراس ملثمين، الذين فحصوا منشوراتها على وسائل التواصل الاجتماعي وصورها.
وأظهرت الصور أنها شاركت في الاحتجاجات، وأنها تعرضت لإطلاق النار من قبل قوات الأمن ببنادق الخرطوش. كما اتهمها محققوها بالعمل لصالح الولايات المتحدة.
واتُهمت أليف، من بين أمور أخرى، “بالظهور في الأماكن العامة بدون حجاب والترويج للفساد والزنا”.
وقد أدينت المرأة، ورغم أنها حُكم عليها بالسجن مع وقف التنفيذ، إلا أنها تلقت أيضا 50 جلدة.
وقالت: “أمرني ضابط بخلع معطفي والاستلقاء على الأرض. كان يحمل سوطا جلديا أسود وبدأ يضربني في جميع أنحاء جسدي. كان الأمر مؤلما للغاية لكنني لم أرغب في إظهار الضعف”.
كانت قصتها مشابهة لقصة امرأتين أخريين ورجل تحدثنا إليهم في إيران.
أخبرنا كل منهم أنهم احتجزوا واستُدعوا إلى المحكمة بتهمة “الدعاية ضد الدولة”. وحُكِم عليهم جميعا بالسجن مع وقف التنفيذ. بينما حُكِم على أليف بالسجن مع وقف التنفيذ والجلد أيضا.
وقت السجن
احتُجز اثنان من الأشخاص الذين تحدثنا إليهم في سجن “إيفين” سيئ السمعة في طهران- المعروف بإيواء العديد من السجناء السياسيين في إيران- قبل محاكمتهما وإدانتهما.
وصف كلاهما ظروفا معيشية سيئة، حيث حُشر السجناء في زنازين صغيرة وغير صحية وباردة، مع وصول محدود إلى وسائل الاستحمام والمرحاض، ما أدى غالبا إلى إصابة الناس بالأمراض.
أخبرنا أحد المؤثرين الذكور البارزين، الذي اعتقل لمدة تقل قليلاً عن شهر، أنه في مكان اعتقاله كان هناك مكان واحد للاستحمام ومرحاض واحد لحوالي 100 شخص.
وقالت امرأة تدعى “مارال”، سُجنت لأكثر من شهرين، إنه حيث كانت محتجزة، لم تتمكن النساء من الاستحمام إلا مرة أو مرتين في الأسبوع. كان الأمر صعبا عليهن بشكل خاص عندما تحضرهن الدورة الشهرية.
وقالت: “أحيانا كانوا يمنعوننا من الذهاب إلى المرحاض لساعات. إذا اشتكينا، كانوا يقولون: إذا تعاونتم يمكنكم الخروج (من السجن) بشكل أسرع. لم نتمكن من الحصول على فوط الدورة الشهرية. كان علينا شراؤها ولكن لم يكن لدينا مال، ولم تقبل سلطات السجن المال من عائلاتنا”.
كما جرى تفتيش حسابات “كوثر افتخاري” على وسائل التواصل الاجتماعي. إذ قُبض عليها واتُهمت بجرائم بما في ذلك “الدعاية ضد الدولة” و”إهانة المعتقدات المقدسة” و”تأليب الرأي العام” و”التجديف”.
بعد شهر واحد من وفاة مهسا أميني، أطلق ضابط من فرقة مكافحة الشغب النار على كوثر في منطقة الأعضاء التناسلية، بمسدس كرات الطلاء “مسدس بينتبول”. وبعد لحظات أطلق النار عليها مرة أخرى، هذه المرة في العين “بابتسامة ساخرة على وجهه”. شعرت على الفور بعينها اليمنى “تبرز من جفنها” وفقدت بصرها.
جرى تصوير الحادث المروع ونشره على إنستغرام. وعلى الرغم من إصاباتها وصدمتها، أصبحت كوثر أكثر نشاطًا على الإنترنت، ما جعلها هدفا رئيسيا للمراقبة المتزايدة.
وتقول إنه في محاكمتها، استُخدمت مئات من منشوراتها على وسائل التواصل الاجتماعي، بما في ذلك صور لها بدون حجاب، كأدلة ضدها من قبل المدعي العام.
أُدينت كوثر وحُكم عليها بالسجن لمدة أربع سنوات وثلاثة أشهر. كما مُنعت من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية لمدة خمس سنوات.
ولكن لتجنب قضاء العقوبة، فرت كوثر إلى ألمانيا، حيث تدافع الآن عن النساء الإيرانيات على المستوى العام. وفي وقت سابق من هذا العام، تحدثت إلى بعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة بشأن إيران (FFMI- أف أف أم آي) حول تجربتها وما سموّه “جرائم ضد الإنسانية”.
وقالت بعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة لبي بي سي: “لا ينبغي سجن أي شخص بسبب منشور سلمي على الإنترنت”.
لقد عرضنا الادعاءات التي قدمها الأشخاص الخمسة الذين تحدثنا إليهم على الحكومة الإيرانية، لكنها لم ترد. وقد نفى قائد شرطة مكافحة الشغب الإيرانية، في السابق، أن قواته أطلقت النار عمدا على المتظاهرين في الوجه.
نظام المراقبة
لقد قمعت السلطات الإيرانية الاحتجاجات وما تعتبره أنشطة تخريبية لسنوات، بما في ذلك من خلال زيادة سيطرة الدولة على حياة الناس عبر الإنترنت.
لقد أغلقوا الإنترنت عدة مرات، ويقال إنهم استخدموا تقنيات التصيد لاختراق الهواتف والوصول إلى بيانات الناس.
جرى حظر تطبيقات الوسائط الاجتماعية الغربية مثل انستغرام، إكس (تويتر سابقا)، وتليغرام، لكن العديد من الإيرانيين تجاوزوا ذلك باستخدام أدوات مثل الشبكات الافتراضية الخاصة (VPN- في بي أن)، والتي تساعدهم على إخفاء موقعهم.
انتشرت الموجة الأخيرة من الاحتجاجات بشكل أساسي من خلال هذه المنصات، وجرى توثيقها عليها. ولكن نتيجة للمراقبة، اعتُقل عشرات الآلاف من المحتجين في غضون الأشهر القليلة الأولى.
تقول “مهسا علي مرداني”، الباحثة البارزة في منظمة حقوق الإنسان (المادة 19)– وهي منظمة دولية لحقوق الإنسان تنسب نفسها للمادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان- إن غالبية المحتجين كانوا من الجيل Z ( الجيل التالي لجيل الألفية) ولديهم بصمة رقمية كبيرة، ما جعل “تتبع أنشطة المحتجين على وسائل التواصل الاجتماعي أو من خلال أجهزتهم قبل وأثناء الاحتجاز” أمرا سهلا.
كما طورت السلطات أدوات لمساعدتها، مثل تطبيق يسمى “ناظر”، والذي يسمح للشرطة والمتطوعين الذين فُحصوا من قبل الحكومة بالإبلاغ عن النساء لعدم ارتداء الحجاب.
كما قامت الدولة بتأميم جزء من الإنترنت، وشجعته من خلال جعل الوصول إليه أرخص من شبكة الإنترنت العالمية. لكن استخدامه يعني تسليم البيانات الشخصية للحكومة.
وبعد مرور عامين، لا يزال صدى وفاة مهسا أميني يتردد في جميع أنحاء البلاد. ولا تظهر المقاومة الرقمية لحركة “المرأة، الحياة، الحرية” أي علامات على التوقف.
تقول أليف: “الآن نتحدث كثيرا في دوائر عائلاتنا وصداقاتنا عن تجربتنا مع حركة “المرأة، الحياة، الحرية”. إنها مثل بذور الزهرة. حتى لو ذبلت الزهرة أو جفت، فإن بذورها تستمر وتزهر في مكان آخر”.
Source link
اضف تعليقك