تختلف النظرة المصرفية للعملاء المتقاعدين في الكويت من بنك لآخر، حيث تجد هناك من يرحب بهم تمويلياً، ويصمم لهم خصيصاً باقات بمجموعة حلول مصرفية مميزة تخدم تطلعاتهم وأهدافهم المقبلة، وآخرون يفضلون التواصل معهم إذا توافرت ضمانات إضافية، تقلل مخاطر حرية تنقلهم من بنك لآخر ومن ثم تعثرهم، ما يدفع بالسؤال، لماذا يتباين السلوك المصرفي تجاه المتقاعدين؟
في البداية، كشفت مصادر مصرفية ذات صلة لـ«الراي»، أن بنوكاً رصدت أخيراً تضاعف متوسط أعداد المتقاعدين المتعثرين لديها، حيث زاد من نحو 0.8 في المئة، إلى نحو 1.5 في المئة، موضحة أنه رغم دوران تعثر هؤلاء العملاء في النطاق الآمن حتى الآن، والأفضل خليجياً، إلا أن تزايد النسبة بدأ يلفت انتباه بعض البنوك ويجرهم إلى مزيد من الحذر الاتئماني مع هذه الشريحة.
تعامل بحذر
وأشارت المصادر إلى أن البنوك التي تتعامل مع المتقاعدين بحذر، تأتي مدفوعة بمخاطر السماح لهم بنقل حساباتهم من بنك لآخر، دون تقييدهم رقابياً بالبقاء لدى المصرف المقرض، مثلما يحدث مع بقية العملاء، حيث تمنح هذه الخاصية المتقاعد هامشاً أوسع في عدم الانتظام بالسداد، منوهة إلى أن المتقاعد لا يزال عميلاً مفضلاً، إلا أن حرية تنقله من مصرف لآخر تثير لدى بعض البنوك حساسية مرتفعة تجاهه، وتجاه ملاحقته قضائياً.
وأوضحت أن هناك اعتباراً آخر يزكي هذه الحالة لدى بعض البنوك، التي ترى أنه لا يمكن بناء إستراتيجيات طويلة الآجل مع هذه الشريحة، بخلاف العملاء الشباب، الذين يمكن معهم وضع خطط تمويلية تبدأ بالسيارة مروراً بالقرض السكني، انتهاء بالصرف الكبير من البطاقات الاتئمانية، الذي يتم تغذيته بقوة البقاء في العمل، والتطلع إلى التطور وظيفياً ومن ثم راتباً، بخلاف المتقاعد، خصوصاً إذا كان كبيراً بالعمر، حيث لا يمكن معه بناء خطط تمويلية طويلة الأجل، باستثناء القروض الاستهلاكية التي لا تتجاوز 5 سنوات.
وأفادت بأنه وفقاً لهذه المعطيات تفضل بعض البنوك الحذر في التعامل مع بعض المتقاعدين، حيث تقسم هذه الفئة إلى شرائح، يتم تصنيفها بناء على معدل الراتب التقاعدي، والعمر، والتاريخ الائتماني.
شباب ومتقاعدون
أما بالنسبة للبنوك التي تتمتع بشهية مفتوحة على المتقاعدين، أرجعت المصادر السبب في ذلك إلى أن توجهها في هذا الخصوص يأتي مدفوعاً بأكثر من اعتبار، فمن حيث المبدأ، المتقاعد عميل كويتي، ما يجعله مميزاً مصرفياً في أعين البنوك، وثانياً تزايد شريحة المتقاعدين الشباب في الفترة الأخيرة، للدرجة التي لحظ فيها تقاعد بعض العملاء في نهاية الثلاثنيات، ما يمنحهم مساحة زمنية كبيرة قريبة مع المتأخرين في التعيين.
ولفتت المصادر إلى أن هناك بنوكاً، لاسيما الكبرى، تتعامل مع العملاء بنظرة بنوك الجملة، التي يتعين عليها تبويب جميع الشرائح في محافظها كعملاء مستهدفين، ويشمل ذلك الشباب والمتقاعدين الكويتيين، حيث تفضل توسعة محافظها الائتمانية من هذه الشرائح، سواء إقراض أو إيداع، مبينة أن هذا التوجه تنامى في الفترة الأخيرة لتعويض تباطؤ حركة الائتمان عموماً المسجلة منذ فترة.
كفاءة أعلى
إضافة إلى ذلك، هناك ما يرى، مصرفياً، أن المتقاعد عميل يحمل قبعتين في الوقت نفسه، فمن ناحية لديه راتب تقاعدي، يصنف على أنه ذو كفاءة أعلى فيما يتعلق بالحسابات الجارية لجهة مدة ثباته في الحساب، وثانياً لدى شريحة كبيرة منهم ودائع أو عقارات، في الغالب أيضاً مستقرة، مبينة أنه بالنظر مصرفياً إلى هذه المعطيات، يتنامى تفضيل العميل المتقاعد، وتحديداً لدى بنوك الجملة.
وحول المخاطر المرتفعة من حرية تنقل المتقاعد بحسابه من بنك لآخر، قللت المصادر من حدتها، حيث لفتت إلى أنه مع ذلك لا يستطيع المتقاعد تجاوز الحد الأقصى المقرر له، سواء في نسب التمويل أو بمعدل القسط الشهري، شأنه في ذلك شأن جميع العملاء المحكومين بالبيانات الائتمانية المسجلة على شبكة شركة المعلومات الائتمانية «ساي نت» وهي بيانات ملزمة لجميع البنوك بالاطلاع عليها والعمل وفقاً لمحدداتها الرقابية عند منح أي تمويل بغض النظر عن ماهية العميل.
وبناء على ذلك يرى أصحاب هذا الرأي، أن المتقاعد لا يستطيع الاستفادة من خاصية نقل حسابه من بنك لآخر. أما بالنسبة لمخاطر التعثر، فأوضحت أن حال المتقاعد حال أي عميل، حيث تتبع معه الإجراءات القانونية التقليدية في هذا الخصوص.
بنوك تمنح قروضاً لعملاء بسن الـ 70
أشارت المصادر إلى أن بعض البنوك رفعت سن المتقاعدين المقبولين تمويلياً إلى 70 سنة، لكن ذلك يتم بقواعد محددة.
وبينت أنه بالنسبة للقروض القائمة يسمح لأصحاب هذا العمر بالحصول على تمويلات مجدولة، ما يعني مصرفياً إعادة تقسيط ما تبقى من القرض القائم، وفقاً لإمكانات المتقاعد المستجدة، أخذاً بالاعتبار أن إعادة جدولة مديونية العميل بعد تقاعده إجراء حاكم يأتي تسهيلاً للمتقاعدين.
أما بالنسبة للقروض الجديدة، فأوضحت ان العملاء من أصحاب عمر الـ70 يمكنهم الحصول عليه ضمن استثناءات نوعية لجهة الضمانات المقدمة، حيث لا يعتمد فقط على راتب التقاعد، بل يكون قرار الموافقة على تمويل العملاء بهذا العمر مدعوماً بوديعة أو عقار وغيرهما من الضمانات التي تحمي من مخاطر التعثر، إلى جانب وجود تأمين على القرض.
منفتحون
-بنوك الجملة تحرص على تضمين محافظها جميع الشرائح
– تغذية الشهية المفتوحة بالودائع المصاحبة والعقارات
– شريحة كبيرة من الذين تقاعدوا الفترة الأخيرة تصنّف شبابية
– المتقاعد في النهاية عميل كويتي يتمتع بمزايا محفّزة للتمويل
حذرون
– المصارف الصغيرة تميل للعلاقات طويلة الأجل مع العملاء
– حرية انتقال العميل من بنك لآخر تزيد مخاطر التعثر
– شريحة المتقاعدين تركز عادة على القروض الاستهلاكية
– حساسية بعض البنوك مرتفعة تجاه ملاحقة المتقاعد قضائياً
اضف تعليقك