- Author, توم باتمان
- Role, مراسل الشؤون الدبلوماسية
قبل عام، وبعد هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول وبدء الهجوم الإسرائيلي على غزة، أصبح جو بايدن أول رئيس أمريكي يزور إسرائيل في وقت الحرب. لقد شاهدته وهو يثبت نظره على كاميرات التلفزيون، بعد لقائه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومجلس الحرب، ويقول لدولة إسرائيل: “أنتم لستم وحدكم”، لكنه حث قيادتها أيضا على عدم تكرار الأخطاء التي ارتكبتها أمريكا “الغاضبة”، بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول.
في سبتمبر/أيلول من هذا العام، بالأمم المتحدة في نيويورك، قاد الرئيس بايدن نداءً عالميا للقادة الذين حثوا على ضبط النفس بين إسرائيل وحزب الله. لكن نتنياهو أعطى رده، وقال إن الذراع الطويلة لإسرائيل يمكن أن تصل إلى أي مكان في المنطقة.
وبعد تسعين دقيقة، أطلق الطيارون الإسرائيليون قنابل “خارقة للتحصينات”، زودت بها أمريكا إسرائيل سابقا، على مبان في جنوب بيروت. قتلت الضربة زعيم حزب الله حسن نصر الله. لقد كان ذلك بمثابة واحدة من أهم نقاط التحول خلال العام، منذ شنت حماس هجومها على إسرائيل في 7 أكتوبر/ تشرين الأول.
لقد تم دفن دبلوماسية بايدن بين أنقاض غارة جوية إسرائيلية، استٌخدمت فيها قنابل أمريكية الصنع.
لقد أمضيت أفضل جزء من العام في مراقبة الدبلوماسية الأمريكية عن كثب، والسفر ضمن مجموعات الصحفيين مع وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، في رحلات العودة إلى الشرق الأوسط، حيث عملت لمدة سبع سنوات حتى ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
كان الهدف الأعظم للدبلوماسية، كما ذكرت إدارة بايدن، هو التوصل إلى وقف لإطلاق النار من أجل إطلاق سراح الرهائن في غزة. هذا هو الرهان الأهم.
بعد مرور عام على قيام حماس بشق طريقها عبر السياج العسكري إلى جنوب إسرائيل، حيث قتلوا أكثر من 1200 شخص واختطفوا 250، لا يزال العشرات من الرهائن – بمن فيهم سبعة مواطنين أمريكيين – في الأسر، ويعتقد أن عددا كبيرا منهم قد ماتوا هناك.
في غزة، أسفر الهجوم الإسرائيلي الانتقامي الضخم عن مقتل ما يقرب من 42 ألف فلسطيني، وفقا لأرقام وزارة الصحة الفلسطينية هناك، بينما تحولت المنطقة إلى أرض قاحلة من الدمار والتشريد والجوع.
هناك آلاف آخرون من الفلسطينيين في عداد المفقودين. وتقول الأمم المتحدة إن أعدادا قياسية من عمال الإغاثة قُتلوا في الضربات الإسرائيلية، بينما اتهمت منظمات إنسانية إسرائيل مرارا وتكرارا بمنع وصول شحنات الإغاثة، وهو الأمر الذي نفته حكومتها باستمرار.
في هذه الأثناء، امتدت الحرب إلى الضفة الغربية المحتلة ولبنان. وأطلقت إيران الأسبوع الماضي 180 صاروخا على إسرائيل ردا على مقتل نصر الله، زعيم حزب الله المدعوم من إيران. ويهدد الصراع بالتعمق والتمدد ليشمل المنطقة بأسرها.
المكاسب والخسائر
في تغطيتي لنشاط وزارة الخارجية الأمريكية، شاهدت إدارة بايدن تحاول دعم وكبح رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في نفس الوقت. لكن هدفها المتمثل في نزع فتيل الصراع في غزة، والتوسط في وقف إطلاق النار، أفلت من الإدارة في كل منعطف.
ويزعم مسؤولو إدارة بايدن أن الضغوط الأمريكية غيرت “شكل عملياتهم (عمليات إسرائيل) العسكرية”، في إشارة محتملة إلى اعتقاد داخل الإدارة بأن غزو إسرائيل لرفح في جنوب غزة كان أكثر محدودية، ما كان ليكون عليه لولا تلك الضغوط، حتى مع تحول جزء كبير من المدينة الآن إلى أنقاض.
قبل غزو رفح، علق بايدن شحنة واحدة من القنابل التي تزن 2000 رطل و500 رطل، خلال محاولته إثناء الإسرائيليين عن شن هجوم شامل. لكن الرئيس واجه على الفور رد فعل عنيف من الجمهوريين في واشنطن، ومن نتنياهو نفسه الذي بدا وكأنه يقارن ذلك بـ “حظر الأسلحة”. ومنذ ذلك الحين رفع بايدن التعليق جزئيا ولم يكرره أبدا.
وتؤكد وزارة الخارجية الأمريكية أن ضغوطها أدت إلى تدفق المزيد من المساعدات، على الرغم من تقارير للأمم المتحدة في وقت سابق من هذا العام أشارت إلى ظروف أشبه بالمجاعة في غزة.
ويقول المتحدث باسم وزارة الخارجية، ماثيو ميلر:
“من خلال التدخل والمشاركة والعمل الجاد للولايات المتحدة، تمكنا من توصيل المساعدات الإنسانية إلى أولئك الموجودين في غزة، وهذا لا يعني أن هذه المهمة قد أنجزت. ليس الأمر كذلك على الإطلاق. إنها عملية مستمرة”.
في المنطقة، تولى كبير الدبلوماسيين الأمريكيين، أنتوني بلينكن، الكثير من عمل بايدن. لقد قام بعشر رحلات إلى الشرق الأوسط منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي في جولات دبلوماسية محمومة، وهذا هو الجانب المرئي من الجهد إلى جانب العمل السري لوكالة المخابرات المركزية، في طريق السعي للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة بين إسرائيل وحماس.
لكنني شاهدت محاولات متعددة لإتمام الصفقة يتم إحباطها. في زيارة بلينكن التاسعة، في أغسطس/ آب، بينما كنا نسافر على متن طائرة نقل عسكرية أمريكية من طراز سي-17 في رحلة عبر المنطقة، أصبح الأمريكيون مستائين بشكل متزايد.
الزيارة التي بدأت بالتفاؤل بإمكانية التوصل إلى اتفاق في متناول اليد، انتهت بوصولنا إلى الدوحة حيث قيل لبلينكن إن أمير قطر – الذي كان وفده يلعب دورا هاما في التواصل مع حماس – مريض ولا يمكنه مقابلته.
هل هي إهانة؟ لم نعرف على وجه اليقين (يقول المسؤولون إنهما تحدثا لاحقا عبر الهاتف)، لكن الرحلة بدت وكأنها عديمة الجدوى، بعد أن زعم نتنياهو أنه “أقنع” بلينكن بضرورة إبقاء القوات الإسرائيلية على طول حدود غزة مع مصر كجزء من الاتفاق. وكان هذا بمثابة إفساد للصفقة بالنسبة لحماس والمصريين.
واتهم مسؤول أمريكي نتنياهو بمحاولة تخريب الاتفاق فعليا. وغادر بلينكن الدوحة دون أن يصل إلى أبعد من المطار. ولم يتم إحراز أي تقدم نحو الاتفاق وعدنا إلى واشنطن.
في رحلته العاشرة إلى المنطقة الشهر الماضي، لم يقم بلينكن بزيارة إسرائيل.
دبلوماسية سطحية؟
بالنسبة للمنتقدين، بما في ذلك بعض المسؤولين السابقين، فإن دعوة الولايات المتحدة إلى إنهاء الحرب – في حين تزود إسرائيل بما لا يقل عن 3.8 مليار دولار من الأسلحة سنويا، بالإضافة إلى تلبية طلبات تكميلية (من الأسلحة) منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول – كانت إما فشلا في ممارسة النفوذ أو تناقضا صريحا. ويزعم هؤلاء أن التوسع الحالي للحرب يمثل في الواقع بيانا عمليا للدبلوماسية الأمريكية (نتيجة لها)، وليس علامة على فشلها.
يقول ضابط الاستخبارات السابق، هاريسون جيه مان، وكان رائدا في الجيش الأمريكي عمل في قسم الشرق الأوسط وأفريقيا في وكالة استخبارات الدفاع في وقت هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول: “إن القول بأن (الإدارة) نفذت دبلوماسية هو قول صحيح بالمعنى الأكثر سطحية، من حيث أنها أجرت الكثير من الاجتماعات. لكنها لم تبذل أي جهد معقول لتغيير سلوك أحد الجهات الفاعلة الرئيسية – إسرائيل”.
كان السيد مان قد استقال في وقت سابق من هذا العام، احتجاجا على دعم الولايات المتحدة للهجوم الإسرائيلي على غزة، وعدد المدنيين الذين قُتلوا باستخدام الأسلحة الأمريكية.
يرفض حلفاء بايدن هذه الانتقادات بشكل قاطع. ويشيرون، على سبيل المثال، إلى حقيقة أن الدبلوماسية الأمريكية مع مصر وقطر – بتوسطهما لدى حماس – أسفرت عن هدنة نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، التي شهدت إطلاق سراح أكثر من 100 رهينة إسرائيلي في غزة، مقابل حوالي 300 سجين فلسطيني كانت تحتجزهم إسرائيل.
ويقول المسؤولون الأمريكيون أيضا إن الإدارة ثبطت عزيمة القيادة الإسرائيلية عن غزو لبنان، في وقت أبكر بكثير من الصراع في غزة، على الرغم من إطلاق الصواريخ عبر الحدود بين حزب الله وإسرائيل.
يقول السيناتور كريس كونز – عضو لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ وهو أحد داعمي بايدن، والذي سافر إلى إسرائيل ومصر والسعودية أواخر العام الماضي – إنه من الأهمية بمكان أن نزن دبلوماسية بايدن في سياق أحداث العام الماضي.
ويقول: “أعتقد أن هناك مسؤولية على كلا الجانبين (إسرائيل وحماس) لرفض تقليص المسافة، لكن لا يمكننا تجاهل أو نسيان أن حماس شنت تلك الهجمات”.
ويقول: “لقد نجح في منع التصعيد – على الرغم من الاستفزازات المتكررة والعدوانية من قبل الحوثيين وحزب الله والميليشيات الشيعية في العراق – وجلب (إلى صف واشنطن) عددا من شركائنا الإقليميين”.
يقول رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، إيهود أولمرت، إن دبلوماسية بايدن بلغت مستوى غير مسبوق من الدعم (لإسرائيل)، مشيرا إلى الانتشار العسكري الأمريكي الضخم، بما في ذلك مجموعات حاملات الطائرات الهجومية وغواصة تعمل بالطاقة النووية، التي أمر بها في أعقاب السابع من أكتوبر/ تشرين الأول.
لكنه يعتقد أن بايدن لم يتمكن من التغلب على مقاومة نتنياهو.
يقول أولمرت: “في كل مرة اقترب فيها من ذلك (التوصل لاتفاق الهدنة)، اختلق نتنياهو بطريقة ما سببا لعدم الامتثال، لذا فإن السبب الرئيسي لفشل هذه الدبلوماسية هو المعارضة المستمرة من جانب نتنياهو”.
يقول أولمرت إن حجر العثرة أمام اتفاق وقف إطلاق النار هو اعتماد نتنياهو على القوميين المتطرفين “المسيانيين” في مجلس الوزراء، الذين يدعمون حكومته. إنهم يحرضون على رد عسكري أقوى في غزة ولبنان. لقد هدد وزيران من أقصى اليمين هذا الصيف بسحب الدعم لحكومة نتنياهو، إذا وقع على اتفاق لوقف إطلاق النار.
ويضيف: “إن إنهاء الحرب كجزء من اتفاق لإطلاق سراح الرهائن يعني تهديدا كبيرا لنتنياهو، وهو غير مستعد لقبوله، لذا فهو ينتهكه ويراوغ بشأنه طوال الوقت”.
رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي مرارا وتكرارا مزاعم أنه عرقل الصفقة، وأصر على أنه كان يؤيد الخطط المدعومة من الولايات المتحدة وسعى فقط للحصول على “توضيحات”، بينما غيرت حماس مطالبها باستمرار.
“مشكلة نفوذ”
ولكن أياً كانت الدبلوماسية المكوكية، فقد ركز كثيرون على العلاقة بين الرئيس الأمريكي ونتنياهو. لقد عرف الرجلان بعضهما البعض لعقود من الزمن، وكانت العوامل المؤثرة في العلاقة في كثير من الأحيان مريرة ومختلة، ولكن مواقف بايدن سبقت حتى علاقته برئيس الوزراء الإسرائيلي.
إنه مؤيد متحمس لإسرائيل، وغالبا ما يتحدث عن زيارته لذلك البلد عندما كان عضوا شابا في مجلس الشيوخ، في أوائل السبعينيات. ويشير المؤيدون والمنتقدون على حد سواء إلى دعم بايدن الأكيد للدولة اليهودية – حيث يذكره البعض على أنه نقيصة، بينما يذكره آخرون على أنه ميزة.
في النهاية، بالنسبة لمنتقدي الرئيس بايدن، فإن أكبر فشل له في ممارسة النفوذ على إسرائيل كان فيما يتعلق بحجم إراقة الدماء في غزة. في العام الأخير من ولايته الوحيدة نزل الآلاف من المحتجين، وكثير منهم من الديمقراطيين، إلى الشوارع الأمريكية وحرم الجامعات للتنديد بسياساته، حاملين لافتات كتب عليها عبارات تربط بين اسمه وبين الإبادة الجماعية.
يقول رشيد الخالدي، أستاذ الدراسات العربية الحديثة في جامعة كولومبيا في نيويورك، إن عقلية بايدن، التي تشكل جزءا أساسيا من موقف الإدارة، تشكلت في وقت كان يُنظر فيه إلى الدولة الإسرائيلية الناشئة على أنها في خطر وجودي مباشر.
يقول الخالدي: “تقوم الدبلوماسية الأمريكية في الأساس على التالي: أياً كانت متطلبات حرب إسرائيل واحتياجاتها، فسنمنحها إياها لخوضها “.
يقول: “هذا يعني، نظراً لأن هذه الحكومة (الإسرائيلية) تريد حرباً لا نهاية لها على ما يبدو – لأنها حددت أهداف حرب لا يمكن تحقيقها، بما في ذلك تدمير حماس – فإن الولايات المتحدة عبارة عن عربة مرتبطة بحصان إسرائيلي”.
ويزعم أن نهج بايدن في التعامل مع الصراع الحالي تشكل من خلال مفهوم، عفا عليه الزمن، لتوازن القوى الدولية في المنطقة ويتجاهل تجربة الفلسطينيين عديمي الجنسية.
ويقول: “أعتقد أن بايدن عالق في دوامة زمنية أقدم بكثير. إنه لا يستطيع أن يرى أشياء مثل… 57 عاما من الاحتلال، والمذابح في غزة، إلا من خلال عدسة إسرائيلية”.
يقول البروفيسور الخالدي إن جيلًا من الشباب الأمريكيين شاهدوا اليوم مشاهد من غزة، على وسائل التواصل الاجتماعي، والعديد منهم لديهم وجهة نظر مختلفة تماما. ويقول: “إنهم يعرفون ما أظهره لهم الأشخاص الذين ينشرون الأشياء على انستغرام وتيك توك من غزة”.
إن كامالا هاريس، البالغة من العمر 59 عاما، خليفة بايدن كمرشحة ديمقراطية في الانتخابات الرئاسية الشهر المقبل ضد دونالد ترامب، البالغ من العمر 78 عاما، لا تأتي بنفس الخلفية التي يحملها جيل بايدن.
ومع ذلك، لم تحدد هاريس ولا ترامب أي خطط محددة تتجاوز ما هو قيد التنفيذ بالفعل، لكيفية التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة. ربما تثبت الانتخابات أنها نقطة التحول التالية في هذه الأزمة المتصاعدة بشكل حاد، لكن كيف؟ لم يتضح ذلك بعد.
Source link
اضف تعليقك