- Author, كارولينا موترام وفرناندو دوارتي
- Role, بي بي سي
هل تعتقد أن العالم أصبح أفضل أم أسوأ؟ إذا أجبت بالخيار الأخير، فأنت لست الوحيد.
خلال العقدين الماضيين، ارتفعت المشاعر السلبية حول العالم، بحسب معهد غالوب للأبحاث – ففي استطلاعه لعام 2022، قال حوالي أربعة من كل 10 بالغين في جميع أنحاء العالم إنهم يعانون كثيراً من القلق أو التوتر.
ربما لا يكون هذا مفاجئاً، لأن المشاكل أصبحت كبيرة ولا يمكن إنكارها، فمع الحروب المستمرة وتأثيرات تغير المناخ وارتفاع تكاليف المعيشة، أصبح الأمر يبدو وكأن العالم جاثٍ على ركبتيه.
لكن هذا مجرد جانب واحد من الحكاية، حسبما يقول شاول بيرلماتر، عالم الفيزياء الفلكية الأمريكي، والحائز على جائزة نوبل في الفيزياء عام 2011، وقدّم – كجزء من فريق من علماء آخرين – أدلة على أن الكون يتوسع بمعدل متسارع.
ويقول بيرلماتر إنه لا يعتقد “أن الناس يدركون حقيقة أنهم يعيشون في وقت قمنا فيه بتحسين العديد من جوانب الحياة”.
قطعت البشرية بالتأكيد شوطاً كبيراً، ففي عام 1900، كان متوسط العمر المتوقع للطفل حديث الولادة 32 عاماً، وفقاً لموقع Our World in Data التابع لجامعة أكسفورد، وبحلول عام 2021، تضاعف هذا الرقم ليصل إلى 71 عاماً، وانخفض معدل وفيات الأطفال بشكل كبير، كما تقدّمت البشرية في الحد من الفقر، والوقاية من الأمراض المعدية ومحو الأمية، وأصبحت هناك الكثير من الإحصاءات التي توضح التقدم الذي أحرزه العالم.
لكن بيرلماتر، الذي أنشأ دورة تدريبية حول التفكير النقدي في جامعة بيركلي في الولايات المتحدة، يقول إن التصوّر بأن “كل شيء مخيف وخطير إلى حد ما” هو السائد.
وصدق أو لا تصدق، فإن جزءاً من اللوم قد يقع على عاتق أسلافنا.
التحيز السلبي
لا يعني ذلك أن البشر لا يدركون قيمة الأشياء الجيدة التي تحدث خلال حياتهم، لكن يتعين عليهم التعامل مع حالة تُعرف باسم “التحيز السلبي”، وتعني أن التجارب السيئة تميل إلى أن يكون لها تأثير نفسي أكثر استدامة من التجارب الإيجابية.
ولكي نفهم السبب، يجب الرجوع بالزمن إلى حيث كان الإنسان يعيش في الكهوف، بالنسبة لأسلافنا في ذلك الزمن، قد يكون الاحتفاظ بالمعلومات السلبية مسألة حياة أو موت، ويمكن أن تؤدي أي حركة خاطئة إلى مواجهة خطيرة مع حيوان مفترس وقد يسبب اختيار الطعام الخاطئ إلى تسمم أو حتى وفاة.
ويوضح بول روزين، أستاذ علم النفس في جامعة ولاية بنسلفانيا في الولايات المتحدة أن “أسلافنا واجهوا عالماً كان فيه تهديدات مختلفة وخطيرة”، ويضيف أن “الأمور أفضل بكثير الآن، ولكن ذلك الشيء البدائي (التحيز السلبي) لا يزال معنا”.
في عام 2001، شارك روزين في تأليف ورقة بحثية مع البروفيسور إدوارد روزمان، خلصت إلى أن هناك “ميلاً لسيطرة (أو حتى طغيان) التأثيرات السلبية على التأثيرات الإيجابية”.
ويقول إن “أحد أسباب أهمية الأحداث السلبية هو أنها نادرة نسبياً في حياتنا”.
ويزعم روزين أن التقدم التكنولوجي، مثل التلفزيون والإنترنت، جعل الأمور أسوأ لأنها أتاحت لنا قدراً أكبر من الوصول إلى المعلومات، بما في ذلك الأخبار الجيدة والسيئة – ونحن نعرف بالفعل أيها أسهل في تداوله.
ويشير إلى أن “معظم الأخبار سلبية”، ويوضح أنه “لن يذكر أحد أن 480 طائرة أقلعت بسلام اليوم في فيلادلفيا، لكن إن واجهت طائرة واحدة أي مشكلة، فسنسمع عنها، لأن هذا هو الحدث النادر، فإقلاع طائرة بسلام ليس خبراً”.
في بعض الحالات، يمكن القول بأن الدماغ البشري يبالغ في رد فعله تجاه التهديدات المحتملة، ويعتقد روزين أن هذه الغرائز البدائية قد تتلاشى في الأجيال القادمة، لكنه يحذر أيضاً من أن الأحداث الأخيرة، مثل جائحة كوفيد، قد تظل باقية في أذهان بعض الناس.
ويقول روزين: “أعرف بعض الأشخاص الذين ما زالوا يرتدون الكمامات حتى الآن عند الخروج لتناول العشاء”.
ويعتقد بيرلماتر أن البشر بحاجة إلى محاولة تغيير هذه التصورات السلبية، لأنه متفائل بأن الإنسان قادر على حل مشاكل العالم.
ويقول بيرلماتر إنه “حين لا يوجد أي شيء يمكننا القيام به على الإطلاق، فإن ذلك ليس وضعاً يائساً”.
ويؤكد على هذه النقطة في كتابه “تفكير الألفية الثالثة: خلق المنطق في عالم الهراء”، إذ كتب: “يبدو أننا أول نوع قادر بشكل معقول على منع الانقراض الجماعي الذي يحدث كل 26 مليون سنة أو نحو ذلك، الذي يحدث عندما يصطدم مذنب كبير أو كويكب بالأرض”.
ويضيف: “لقد قمنا ببناء تلسكوبات يمكنها اكتشاف المذنبات والكويكبات القادمة قبل وصولها بوقت طويل، وتدربنا على إرسال مركبة فضائية لإبعاد مثل هذا الكويكب البعيد حتى لا يصلنا”.
وعلى الرغم من أن الكثير منا يرى أسوأ ما في الأشياء، إلا أن بيرلماتر يعتقد أن المستقبل أكثر إشراقاً مما نتخيله.
ويقول إنه “ربما تكون هذه هي المرة الأولى في التاريخ التي أعتقد فيها أنه من العدل أن نقول إننا نستطيع إطعام الجميع وكسوتهم وإيوائهم وتعليمهم”.
ويعتقد بيرلماتر أن توفير احتياجات الجميع أمر ممكن جداً “إذا تمكن الناس من التحرك بما يكفي ليسيروا على ذات النهج ويعملوا معاً، فقد يكون هذا جيلاً رائعاً نعيش فيه”.
تم إنشاء هذا المحتوى كإنتاج مشترك بين مؤسسة نوبل للتوعية وبي بي سي.
Source link
اضف تعليقك