- Author, محمود عدامة
- Role, بي بي سي نيوز عربي – القدس
صادق البرلمان الإسرائيلي (الكنيست)، مساء الأربعاء، بالقراءتين الثانية والثالثة على مشروع قانون يمنح وزير الداخلية صلاحية اتخاذ القرار بترحيل وطرد عائلات منفذي عمليات ضد أهداف إسرائيلية إلى قطاع غزة أو موقع آخر.
ويسري القرار على والدي المنفذ أو زوجته أو أبنائه في حال كانوا مُطلعين على نيته تنفيذ العملية ولم يمنعوه أو يبلغوا عنه أو في حال تماهوا مع العملية ونشروا مواد مؤيدة.
وفي حال كان المنفذ مواطناً يحمل الجنسية الإسرائيلية، فيُبعد لمدة أقلها 7 سنوات وأقصاها 15 سنة، وفي حال كان مقيماً، فيُبعد لمدة أقصاها 20 عاماً.
وقدّم مشروع القانون عضو الكنيست حانوخ ميليفتسكي، من حزب الليكود، مع أعضاء كنيست آخرين من أحزاب الائتلاف.
يسمح القانون بترحيل أقارب من الدرجة الأولى إن كان “لديهم عِلم بخطة تنفيذ العملية ولم يردعوا المنفِّذ”.
وينطبق القانون على المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل، وسكان القدس الشرقية التي احتلتها إسرائيل عام 1967، والذين علموا بهجمات أفراد عائلاتهم مسبقاً، أو الذين “يعبرون عن دعمهم أو تعاطفهم مع عمل إرهابي”، وفق تعبير القانون.
وبموجبه أيضاً، سيُرحَّلون إما إلى قطاع غزة، وإما إلى مكان آخر، لمدة تتراوح بين 7 و20 عاماً.
يُذكر أن هذا القانون قدمه عضو في حزب الليكود مع أعضاء كنيست آخرين من أحزاب الائتلاف، حيث أيد القرار 61 عضواً وعارضه 41.
“يوم تاريخي لدولة إسرائيل”
عقّب وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بالقول إن الكنيست مرّر قانوناً لترحيل عائلات من وصفهم بـ”الإرهابيين”.
عبر حسابه على إكس، قال: “هذا يوم تاريخي ومهم لجميع مواطني إسرائيل، فتمرير القانون يشكل خطوة إضافية حاسمة في حربنا ضد الإرهاب، ويوجه رسالة حادة وواضحة، مفادها أن دولة إسرائيل لن تسمح لعائلات منفذي الهجمات بالاستمتاع بحياتهم كما لو أنه لم يحدث أي شيء”.
وأضاف: “اعتباراً من اليوم، سيتم إبعاد كل أب أو أم أو طفل أو أخ أو أخت يدعمون أو يؤيدون قريبهم المنفذ لهجمات ضد مواطني دولة إسرائيل”.
تحتوي هذه الصفحة على محتوى من موقع Twitter. موافقتكم مطلوبة قبل عرض أي مواد لأنها قد تتضمن ملفات ارتباط (كوكيز) وغيرها من الأدوات التقنية. قد تفضلون الاطلاع على سياسة ملفات الارتباط الخاصة بموقع Twitter وسياسة الخصوصية قبل الموافقة. لعرض المحتوى، اختر “موافقة وإكمال”
تحذير: بي بي سي غير مسؤولة عن محتوى المواقع الخارجية
نهاية Twitter مشاركة
“التاريخ يُكتب”
علّق عضو الكنيست ألموغ كوهين، من حزب العظمة اليهودية “عوتسما يهوديت”، على القانون عبر منشور له على منصة إكس قائلاً: “التاريخ يُكتب! لقد مرّرنا الآن في الكنيست قانون إبعاد عائلات منفذي الهجمات، وهو الآن جزء من قانون دولة إسرائيل”.
أضاف: “يُشكّل هذا القانون أداة هامة من شأنها أن تخلق توازناً هائلاً للردع والحد من الإرهاب. كل إرهابي سيعلم أن مصير عائلته كان في أيدينا”.
“قانون فاشي”
من جهة أخرى، قالت عضوة الكنيست عايدة توما سليمان من تحالف الجبهة والقائمة العربية للتغيير، لبي بي سي، إن هذا قانون يضاف إلى سلسلة ما وصفتها “بالفاشية” التي يتم إقرارها بشكل يومي في البرلمان الإسرائيلي.
واعتبرت أن خطورة هذا القانون تكمن في أنه “غير دستوري” بحسب كل الأعراف والقوانين الدولية، موضحة أنه يحاسب المواطنين على مخالفة لم يقوموا بها هم بأنفسهم وإنما على أساس القرابة العائلية.
وأوضحت سليمان أنهم يحاولون تصوير القانون وكأنه “قانون رادع” في الوقت الذي هو يعتبر “قانون قمعي، في إطار سياسة العقوبات الجماعية”، وفق تعبيرها.
وأشارت إلى أن المحرك الأساسي لهذا القانون هو سياسة عنصرية ورغبة فعلية في التخلص من أكبر عدد من الفلسطينيين ووصفتها بأنها “عملية تطهير عرقي هادئة”.
وكشفت أن أول من طرح مشروع القرار في الكنيست في عام 2016 هو زعيم المعارضة الحالي يائير لابيد وأحد أفراد حزبه آنذاك يعقوب بيري ولكن “لم يتم إقراره”.
وفي هذا السياق، تؤكد سليمان أن هذه فكرة تراود العنصريين منذ زمن طويل حيث تم إقرار القانون في هذه الأجواء التحريضية، معتبرة أنه في إطار هذه الأجواء العنصرية والتحريضية في إسرائيل فإن “كل شيء جائز”.
وحول ذلك، أوضحت سليمان أن القانون سيدخل حيز التنفيذ فوراً، مشيرة إلى أنه يمنح وزير الداخلية صلاحية استخدامه، متى شاء.
“جريمة حرب”
من جهته، أشار أحد المختصين في القانون الدولي إلى أن هذا القانون الذي صدق عليه البرلمان الإسرائيلي يعد “جريمة حرب”.
وقال ميخائيل سفارد وهو محامي إسرائيلي بارز في مجال حقوق الإنسان والقوانين الدولية والحرب، في حديث مع بي بي سي، أن آثار هذا القانون قد تكون بعيدة المدى لأن القانون يسمح بترحيل السكان والمقيمين المدنيين وهم في الغالب من سكان مدينة القدس والمواطنين العرب في إسرائيل.
واعتبر أن “جريمة الإرهاب” قد تشمل عدة جرائم متعلقة بالإرهاب والتي ليست بالضرورة أن يكون لها صلة بالعنف، لكن قد تكون مثل تمويل الإرهاب او تقديم خدمات لمنظمة إرهابية او حتى مجرد تعاطف معها، كل هذه المخالفات قد تشكل أساساً للترحيل.
وأضاف أن هذه الخطوة قاسية للغاية وتنتهك حقوق أفراد العائلة وهي نوع من العقاب الجماعي الذي يتعارض مع المبادئ الأساسية للقانون الجنائي.
وقال سفارد إن “العقوبة بالترحيل هي جريمة بموجب القانون الدولي، وكذلك النقل القسري هو جريمة حرب عندما يتم في سياق نزاع مسلح، وقد يكون الترحيل جريمة ضد الإنسانية أيضاً”.
ماذا يقول القانون الدولي؟
في المقابل، قال المختص في القانون الدولي بجامعة القدس منير نسيبة لبي بي سي، إن القرار طالما تم التصديق عليه بالقراءة الثالثة يصبح نافذاً قانونياً.
وبموجب القانون الدولي، فإن المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة وميثاق روما الذي يختص بالتهجير والنقل القسري والإبعاد للسكان تُحرّم هذا الأمر لأكثر من سبب، باعتباره تهجيراً قسرياً للمدنيين، وفق قول المختص منير نسيبة.
ويضيف أن كل فرد يطرد من بيته حتى لو مساحته كيلومتر واحد فهذا يعتبر تهجيراً قسرياً، حتى لو كان الترحيل مؤقتاً.
واعتبر نسيبة القانون عقوبةً جماعية وجزءاً من منظومة العقوبات الشاملة التي تنتهجها الحكومة الإسرائيلية، مثل هدم المنازل.
ورجح نسيبة أن يكون للقرار رد فعل من المنظمات الحقوقية سواء الفلسطينية أو الدولية باعتباره انتهاكاً للقانون الدولي.
ويرى أنه قانون غير دستوري وبالتالي يمكن محاولة إقناع المحكمة العليا الإسرائيلية بمخالفة أحكام الدستور، وفي حال تجاوبت المحكمة مع هذا الطعن يمكن تعديله أو إلغاؤه، وإذا لم تتجاوب المحكمة العليا لهذا القانون يظل نافذاً.
“مصير غير مؤكد”
تقول المحامية سوسن زهر، المختصة بمجال حقوق الإنسان والمرافعة الدستورية باسم الفلسطينيين أمام المحاكم في حديث لبي بي سي، إنه “يجب النظر إلى قانون طرد العائلات كجزء من سلسلة قوانين الفصل العنصري التي تُطبق فقط ضد الفلسطينيين من مواطني ومقيمي إسرائيل وضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة”.
واعتبرت زهر القانون امتداد للقانون القائم الذي يسمح بسحب الإقامة والمواطنة من كل من أدين بارتكاب ما يسمى “بعمل إرهابي” حسب تعريفه في القانون الإسرائيلي.
وتشير إلى أنه يُطبق بطريقة عنصرية ضد الفلسطينيين فقط، لأن تفسير “عمل إرهابي” يطبق فقط إذا كان الفعل موجه ضد اليهود أو ضد الدولة، وليس ضد الفلسطينيين.
بالإضافة إلى طرد الشخص الذي قام بالفعل، يسعى القانون إلى طرد أفراد عائلته حتى لو لم يكن لهم أي صلة أو علم بالحادث.
وقالت زهر لبي بي سي، إنه “قد يتم الطرد إلى قطاع غزة لفترة طويلة تتراوح بين 15 إلى 20 سنة، بحيث يبقى مصير من يتم طردهم غير مؤكد في ظل جريمة الإبادة الجماعية الجارية حالياً في غزة”، وفق تعبيرها.
وترى زهر أن صلاحية الطرد بيد الوزير الذي سيطبق اعتبارات سياسية وعنصرية في تنفيذ القانون.
واعتبرته “يشكل عقاباً جماعياً بمثابة جريمة حرب، ولا يمكن فصله عن سياسة الإبادة الجماعية التي تنتهجها إسرائيل في غزة، وسياسة العنف والضم ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة”.
وختمت بقولها إن “كل هذه الأمور تستهدف وجود وهوية وحضور الفلسطينيين أينما كانوا، وتستند إلى مفهوم التفوق العرقي”.
اضف تعليقك