دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين القوّات الأوكرانية المحاصرة في منطقة كورسك الروسية إلى “الاستسلام”، بعدما طالبه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بـ”الحفاظ على حياة” الجنود الأوكرانيين.
وخلال الأسبوع الماضي، شنّت روسيا هجوما مضادا سريعا في هذه المنطقة الحدودية الواقعة في غرب البلد، مستعيدة أجزاء كبيرة من كورسك التي استولت عليها أوكرانيا في آب/أغسطس الماضي.
وقد تشكّل هزيمة القوّات الأوكرانية في كورسك ضربة قاصمة لكييف في مساعيها إلى الاستفادة من سيطرتها على المنطقة للتفاوض في محادثات السلام مع موسكو.
وقال بوتين “نحن متعاطفون مع نداء الرئيس ترامب”.
وبعد يوم من إجراء محادثات حول هدنة في أوكرانيا مع المبعوث الأميركي، قال بوتين في تصريحات متلفزة “إذا ألقوا أسلحتهم واستسلموا، سيضمن لهم ذلك الحياة والمعاملة الكريمة”.
وكان ترامب قد قال إن “آلافا” من الجنود الأوكرانيين “مطوقون بالكامل من جانب الجيش الروسي. إنهم في وضع هش وبالغ السوء”.
“مجزرة مروّعة”
وأكّد الرئيس الأميركي “طلبت من فلاديمير بوتين بإلحاح الحفاظ على حياتهم، وإلا ستحصل مجزرة مروّعة لم يسبق لها مثيل منذ الحرب العالمية الثانية”.
ونفت القيادة العسكرية الأوكرانية ما اعلنه ترامب، غير أن الرئيس فولوديمير زيلينسكي أقرّ بأن قوّاته تواجه ضغوطا متزايدة.
وجاء في بيان لهيئة الأركان العامة على شبكة للتواصل الاجتماعي “حاليا لا تهديد بمحاصرة وحداتنا في منطقة كورسك”.
لكن زيلينسكي أكّد الجمعة في تصريح لصحافيين، بينهم مراسلون لوكالة فرانس برس، أن وضع جنوده في كورسك “بالغ الصعوبة”.
غير أنه لفت إلى أن الهجوم الأوكراني هناك أجبر روسيا على سحب قوّاتها من مناطق أخرى على الجبهة، ما خفّف الضغط عن القوّات الأوكرانية التي تقاتل للاحتفاظ بالسيطرة على مدينة بوكروفسك التي تعدّ مركزا لوجستيا.
وأتت تعليقات ترامب الأخيرة في سياق عرضه آخر المستجدّات بشأن مبادرته لوقف إطلاق النار. وقد التقى مبعوثه الخاص ستيف ويتكوف بوتين الخميس ليقدّم له تفاصيل مقترح أميركي-أوكراني مشترك لوقف الأعمال القتالية لمدّة 30 يوما في النزاع الدائر منذ ثلاث سنوات.
وتطرّق ترامب على شبكته للتواصل الاجتماعي “تروث سوشال” إلى “محادثات مثمرة وجيّدة جدّا” مع الرئيس الروسي، مضيفا “هناك فرص كبرى لإنهاء هذه الحرب المروّعة والدامية”.
“تفاؤل حذر”
أعرب فلاديمير بوتين الخميس عن تحفّظات إزاء “مسائل مهمّة” ينبغي تسويتها قبل التوصّل إلى هدنة. لكنّه حرص على عدم رفض مبادرة دونالد ترامب بالكامل.
وكشف الكرملين أن المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف الذي وصل الى موسكو الخميس نقل رسالة من فلاديمير بوتين إلى نظيره الأميركي.
وحذّر الرئيس الأوكراني الجمعة من أن الرئيس الروسي يسعى إلى “جرّ الجميع إلى مناقشات لا نهاية لها”، فيما “تستمرّ أسلحته في إزهاق الأرواح”، متّهما بوتين بالسعي إلى “تقويض الدبلوماسية عبر طرح شروط بالغة الصعوبة وغير مقبولة منذ البداية، حتى قبل وقف لإطلاق النار”.
وأعرب الكرملين الجمعة عن “تفاؤل حذر” بإمكان التوصّل إلى اتفاق، مع التشديد على ضرورة إجراء مناقشات مباشرة بين بوتين وترامب قبل تقدّم المباحثات.
وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحافيين “عندما يقدّم السيّد ويتكوف كلّ المعلومات إلى الرئيس ترامب، سنحدّد موعد المحادثة”.
وأضاف “الطريق ما زال طويلا لكن الرئيس يتماهى مع موقف الرئيس ترامب”.
وفي مقابلة مع قناة “فوكس نيوز”، قال المستشار الأميركي للأمن القومي مايك والتز إن الولايات المتحدة تبدي “بعض التفاؤل الحذر” بعد زيارة ويتكوف.
وشدّد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو خلال اجتماع لمجموعة السبع في كندا على ضرورة أن يقدّم الطرفان “تنازلات”.
وحذّر وزراء خارجية دول مجموعة السبع روسيا من عقوبات جديدة إذا لم تقبل بوقف لإطلاق النار “بشروط متساوية”.
وفي البيان الختامي لاجتماع المجموعة، تم التطرّق إلى “بحث فرض مزيد من التكاليف على روسيا في حال عدم الاتفاق على وقف إطلاق النار، بما في ذلك عبر فرض عقوبات إضافية، وفرض قيود على أسعار النفط، فضلا عن تقديم دعم إضافي لأوكرانيا، ووسائل أخرى” مثل استخدام الأصول الروسية المجمّدة.
وكان بوتين قد شدّد الخميس على ضرورة أن تضمن أيّ تسوية “سلاما طويل الأمد”، في إشارة مبطّنة إلى مطالبة روسيا بالحؤول دون انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو).
واعتبر زيلينسكي أن ردّ بوتين “ينطوي على تلاعب”، فيما رأت فيه ألمانيا “تكتيكا تسويفيا”.
بدوره، طالب الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون روسيا بالموافقة على الاقتراح الاميركي الاوكراني والكف عن “التجاوزات” و”المماطلة”.
وكتب ماكرون على منصة اكس الجمعة “سنواصل العمل على تعزيز دعم اوكرانيا وعلى سلام صلب ودائم” مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الاوكراني و”جميع شركائنا”.
وكان ماكرون تشاور مع ستارمر وزيلينسكي “بعد التقدم الذي سجله الاجتماع بين الولايات المتحدة وأوكرانيا في جدة”.
وبالإضافة إلى التقدّم المحرز في كورسك، ما انفكّت روسيا تتقّدم في منطقة دونيتسك في شرق أوكرانيا منذ عام.
وكانت أوكرانيا تأمل أن تساعدها سيطرتها على كورسك في التفاوض مع روسيا بغية مقايضة أراض مع موسكو التي احتلّت حوالى خُمس مساحة أوكرانيا منذ ضمّها شبه جزيرة القرم في 2014 وشنّها غزوا عسكريا في شباط/فبراير 2022.
ميدانيا، قتل شخص واصيب اثنان في قصف اوكراني على قرية سودزا التي قالت موسكو الخميس إنها استعادت السيطرة عليها، بحسب ما أفادت لجنة تحقيق روسية، لافتة الى أن القصف ادى الى تدمير متحف محلي.
Source link
اضف تعليقك