المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن
حضّت الأمم المتحدة السبت الاحتلال على “الوقف الفوري” لهجماته على سوريا، غداة شنّها سلسلة غارات متزامنة على محافظات عدة، أعقبت استهدافها محيط القصر الرئاسي في سياق تحذيرها دمشق من المساس بالدروز.
وأكد الاحتلال أنه “منتشر في جنوب سوريا ومستعد لمنع دخول قوات معادية إلى منطقة القرى الدرزية”، في إشارة ضمنية لقوات السلطة الانتقالية، من دون أن يوضح عديد قواته واذا ما كان نفذ انتشارا جديدا.
وجاء ذلك بعيد الاشتباكات الدامية التي اندلعت هذا الأسبوع على خلفية طائفية في منطقتين يقطنهما دروز قرب دمشق، وأودت بـ119 قتيلا على الأقل بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.
وأبرم ممثلون عن الحكومة السورية وأعيان دروز اتفاقات تهدئة لاحتواء التصعيد الذي سلط الضوء مجددا على تحديات تواجهها السلطة الانتقالية بقيادة الرئيس أحمد الشرع، في سعيها لتثبيت حكمها ورسم أطر العلاقة مع مختلف المكونات عقب إطاحة الحكم السابق في كانون الأول/ديسمبر.
وأتى التوتر مع الدروز عقب أعمال عنف في منطقة الساحل السوري، أودت الشهر الماضي بنحو 1700 شخص غالبيتهم العظمى من العلويين، بحسب المرصد.
ودان مبعوث الأمم المتحدة الى سوريا غير بيدرسن “بشدة انتهاكات الاحتلال المتواصلة والمتصاعدة ضد سيادة سوريا، بما في ذلك الغارات الجوية المتعددة على دمشق ومدن أخرى”.
وأضاف في منشور عبر منصة إكس “أدعو إلى الوقف الفوري لهذه الهجمات، وإلى أن يمتنع الاحتلال عن تعريض المدنيين السوريين للخطر، وأن تحترم القانون الدولي وسيادة سوريا ووحدتها وسلامتها الإقليمية واستقلالها”.
شن الاحتلال ليل الجمعة السبت أكثر من عشرين غارة على مراكز ومستودعات عسكرية في أنحاء سوريا، وفق ما أحصى المرصد، مشيرا الى أنها الغارات “الأكثر عنفا منذ بداية العام”.
وقال فراس عابدين (23 عاما) من مديرية أمن حرستا لوكالة فرانس برس “بين الساعة 11 و12 ليلا، سمعنا دوي أربع غارات استهدفت ثكنة شبه مهجورة تتبع للنظام البائد في منطقة جبلية”.
أضاف “كانت الأصوات قوية وغير معهودة. شعرنا بقليل من الخوف لكننا استأنفنا حياتنا بشكل عادي صباحا”.
وأكد الاحتلال أنه استهدف بنى تحتية عسكرية في محيط دمشق ومناطق أخرى، بينما أفادت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) عن مقتل مدني جراء الغارات قرب العاصمة السورية.
“جاهزية للدفاع”
نددت كل من ايران وحزب الله اللبناني، أبرز داعمي الحكم السابق، بالضربات.
واتهمت وزارة الخارجية الإيرانية الاحتلال بالسعي الى “تدمير القدرات الدفاعية والاقتصادية والبنية التحتية لسوريا كدولة مستقلة”.
وقال حزب الله إن “هذا العدوان الصهيوني هو محاولة واضحة لتقويض استقرار الدولة السورية وإضعاف قدراتها”.
وأتت تلك الضربات بعد ساعات من إعلان الاحتلال إن سلاح الجو أغار على “المنطقة المجاورة لقصر أحمد حسين الشرع في دمشق”، في خطوة نددت بها الأمم المتحدة ودول عدة، واعتبرتها الرئاسة السورية “تصعيدا خطيرا ضد مؤسسات الدولة وسيادتها”.
وتشكل الغارات التي يشنها الاحتلال على الترسانة العسكرية السورية وتوغل قواتها في جنوب البلاد منذ إطاحة الأسد، واحدة من التحديات التي تعيق بسط الشرع سلطته الفعلية على كامل الجغرافيا السورية.
وعقب الغارة على محيط القصر الرئاسي، قال بنيامين نتانياهو في بيان مشترك مع وزير دفاعه يسرائيل كاتس “هذه رسالة واضحة للنظام السوري. لن نسمح بنشر قوات (سورية) جنوب دمشق أو بتهديد الطائفة الدرزية بأيّ شكل من الأشكال”.
وأتت ضربات الاحتلال عقب اشتباكات بين مسلحين دروز وعناصر أمن ومقاتلين مرتبطين بالسلطة السورية اندلعت ليل الاثنين في جرمانا وانتقلت في الليلة اللاحقة الى صحنايا، وهما مدينتان في ريف دمشق تقطنهما غالبية درزية ومسيحية. وامتد التوتر لاحقا الى محافظة السويداء، معقل الأقلية الدرزية في سوريا.
وأوقعت الاشتباكات التي اتهمت السلطات “مجموعات خارجة عن القانون” بإشعالها عبر استهداف عناصرها، 119 قتيلا على الأقل، وفق آخر حصيلة للمرصد السبت.
ورغم عودة الهدوء إلى حد كبير في المناطق الدرزية بموجب اتفاقات التهدئة التي نصت على نشر تعزيزات عسكرية في محيطها، حذّر الاحتلال السلطة الانتقالية من المساس بالدروز.
وذكّر جيش الاحتلال السبت بانتشار قواته في جنوب سوريا، وأنه يتابع “التطورات مع الحفاظ على الجاهزية للدفاع ولمختلف السيناريوهات”.
وأفاد عن “إجلاء” خمسة مواطنين دروز “لتلقي العلاج الطبي في الأراضي المحتلة”.
ووفقا لبيانات الجيش، تم إدخال ما مجموعه 15 مواطنا سوريا من الطائفة الدرزية إلى مستشفيات في الأراضي المحتلة منذ بداية الأسبوع.
“تدخل مباشر”
من جهته، أكد مصدر درزي في السويداء لفرانس السبت أنه “لم يسجل أي انتشار لجنود الاحتلال في محافظة السويداء”، لافتا الى أن وجودهم يقتصر على المناطق التي توغلوا اليها عقب إطاحة الأسد في محافظة القنيطرة الحدودية.
وفي ما يتعلق بالأشخاص الخمسة الذين تم إجلاؤهم، أوضح المصدر الذي طلب عدم كشف هويتهم أنهم “من المصابين في اشتباكات صحنايا، وقد تم نقلهم بسيارة الى بلدة حضر (القنيطرة) حيث استحدثت قوات الاحتلال مواقع فيها، وتم منها نقلهم الى الأراضي المحتلة”.
ويتوزّع الدروز أساسا بين لبنان وسوريا وفلسطين المحتلة.
ويفاقم تدخل الدولة العبرية من إشكالية العلاقة القائمة بين السلطة الجديدة في دمشق والدروز الذين كانوا نددوا على لسان مرجعيات دينية بارزة بمحاولات الدولة العبرية زعزعة الاستقرار في سوريا.
وقال محلل شؤون الشرق الأوسط أندرياس كريغ لفرانس برس إن الاحتلال “يتدخل بشكل مباشر في العملية الانتقالية في سوريا”، معتبرا أنها تستخدم قضية الدروز “كذريعة لتبرير احتلالها العسكري” لأجزاء من سوريا.
وأكد قادة روحيون وممثلون عن الفصائل العسكرية الخميس أن الدروز “جزء لا يتجزأ” من سوريا، ويرفضون كل محاولات “الانسلاخ عنها”.
من جهة أخرى، أوقفت السلطات السورية السبت الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة طلال ناجي، بحسب ما أفادت مصادر في الفصيل الفلسطيني الذي كان مقربا من الحُكم السابق وقاتل الى جانبه مطلع النزاع.
وجاء ذلك بعد أقل من ثلاثة أسابيع على توقيف دمشق قياديَين من حركة الجهاد الإسلامي، في خطوات يربطها محللون باشتراط واشنطن على السلطات أن “تنبذ تماما الإرهاب وتقمعه.. وتمنع إيران ووكلاءها من استغلال الأراضي السورية”، لرفع العقوبات الاقتصادية.
Source link




اضف تعليقك