عطور خريفية بسمات إبداعية – زهرة الخليج

عطور خريفية بسمات إبداعية

#عطور

تغريد محمود
اليوم

يمكن تصنيف العطور الإبداعية، وفق مجموعة من المعايير التي تميزها عن التقليدية، وتجعلها أشبه بتجربة فنية متكاملة؛ فهي تعكس الاستدامة كقيمة أساسية، تعبّر عن أخلاقيات الحفاظ على الأرض، وتقوم على تفرد الفكرة، وجرأتها. كما يتجلى الإبداع في صياغة تركيبات غير متوقعة، تجمع بين عناصر متناقضة بتناغم مدهش، يكسر القوالب التقليدية، إضافة إلى الاهتمام بتصميم القنينة؛ باعتبارها عملاً فنياً يربط العطر بعوالم الموضة والفنون البصرية.. في ما يلي باقة من أحدث العطور الخريفية، التي تجسد هذا المزج بين الفن والابتكار والوعي البيئي.

عطور.. وأخلاقيات 

من أبرز معايير العطور الإبداعية، اليوم، ارتباطها بالاستدامة والوعي البيئي، فالعطر لم يعد مجرد منتج جمالي، بل أصبح رسالة تحمل – في طياتها – احترام الطبيعة، ومراعاة أثر المكونات في البيئة. نرى ذلك في عطور، مثل «Bottega Veneta Mezzanotte Collection Hinoki»، الذي يستحضر عبق الأخشاب والباتشولي في صياغة هادئة تحاكي الطبيعة، أو «Hermès Barénia Intense»، الذي يوازن بين الباتشولي والجلود في تكوين يفيض بعمق الأرض، وصلابتها. هذه العطور تُرضي الحواس، وتُجسّد – في الوقت نفسه – التزاماً أخلاقياً بالحفاظ على موارد الطبيعة، واستحضارها بأسلوب مسؤول.

أفكار متفردة 

العطر الإبداعي، غالباً، يقوم على فكرة جريئة، تميّزه عن السائد. ونلمس ذلك في «Initio Can’t Get Enough»، الذي يدمج الألدهايدات مع القرفة والتونكا، في صياغة متناقضة بين الدفء والانتعاش، أو الجمع بين الموالح اللاذعة كالنيرولي والبرتقال والمندرين، وبين عصارة أزهار الأوركيد البيضاء الكريمية الناعمة في عطر «L’Occitane Flora Orchestra Néroli Orchidée»، وكما في «The Street Scent En Vogue»، الذي يغامر بدمج المانجو والعود والمسك في خلطة مفاجئة، تخرج عن المألوف. إنها عطور تبني شخصيتها على جرأة غير متوقعة، تجعلها أقرب إلى لوحة تجريدية، تبعث على الدهشة.

ابتكار في التوليف والمزج

الإبداع يتجلى، أيضاً، في المزج المبتكر لعناصر غير مألوفة، إذ يجمع عطر «Guerlain Absolus Allegoria Florabloom»، بين المانجو وجوز الهند، والإيلانغ-إيلانغ والورد، قبل أن يستقر على قاعدة بخورية خشبية، تمنحه غموضاً شاعرياً. كذلك، يقدّم «Parfums de Marly Les Extraits Collection Eragon» مزيجاً غير تقليدي من الحمضيات والتوابل والجلود، حيث تتداخل الدافانا والقرفة مع الباتشولي والفانيليا في توليفة آسرة. أما في رائعة «Giorgio Armani Privé Cuir Nu»؛ فتذوب القهوة مع الهيل والجلود والورد الدمشقي والعنبر وحبوب التونكا واللابدانوم، في معزوفة عصرية أنيقة. 

كسر القوالب التقليدية

تتجاوز كثير من العطور الإبداعية القوالب المألوفة، سواء في الفصل التقليدي بين «رجالي»، و«نسائي»، أو في اعتماد الروائح الكلاسيكية، ومثال ذلك عطر «Maison Francis Kurkdjian Baccarat Rouge 540 Édition Millésime»، حيث ينصهر فيه الزعفران والياسمين مع طحلب البلوط والسكر والأخشاب، في تجربة «جندرية» حرة، لا تقبل التقييد. وفي المقابل، نجد «Dries Van Noten Havana Gold»، الذي يجمع التبغ والبهارات مع الجلود والعرقسوس في نغمة شرقية ساحرة، تتجاوز حدود العطور الرجالية التقليدية.

الغورماند والبعد الحسي الجديد

يظهر الإبداع في العطور الغورماندية، من خلال تجاوز فكرة الحلاوة التقليدية إلى منحها أبعاداً حسية أعمق، وأكثر إثارة. فبدلاً من الاكتفاء بالنغمات السكرية، تتحول هذه العطور إلى تجارب متكاملة، تحرك الحواس، وتغمرها بالدهشة. ويتجلى ذلك بوضوح في «Kayali Oudgasm Chocolate Oud 11»، حيث يلتقي التفاح بالشوكولاتة والكراميل، في انسجام مُتْرَف مع العود والبخور ورائحة المخمل، ما يولد مزيجاً دافئاً يفيض فخامةً وثراءً. وعلى نحو مختلف، يأتي «Jean Paul Gaultier Divine Collector»؛ ليعيد تعريف الغورماند عبر بُعْدٍ زهري بحري فريد، إذ تتفتح زنبقة غوتييه المهيبة بين باقة من الأزهار البيضاء، وحلاوة المارينغ، ولمسة مالحة مضيئة، مانحةً العطر شخصيةً فريدةً.

زجاجة العطر عمل فني

لا يكتمل الإبداع من دون النظر إلى تصميم الزجاجة كامتداد للرؤية الفنية. ففي «The House of Oud Doux Ennui»، تتجسد الألوان على القنينة، كما لو كانت لوحة زيتية تحتفي بالخوخ، والمرمالاد، والملح، في مزيج غني بالعاطفة. أما «Louis Vuitton Fantasmagory»، بزجاجته المنحوتة؛ فيؤلف بين دفء الزنجبيل والفانيليا واللوز، في قالب يعكس الأناقة البصرية. وفي «Lolita Lempicka Fleurs de Lolita»، يأخذ التصميم طابعاً رومانسياً حالماً، يوازي رقة الياسمين والورد الممتزجين بالماغنوليا والتوت الأحمر. وأخيراً، نصل إلى «Jimmy Choo I Want Choo Collector’s Edition»، حيث تتحول الزجاجة إلى تحفة برّاقة، يفوح منها عبق الخوخ والمندرين والياسمين، كأنها دعوة مفتوحة للاحتفاء بالحياة.