ماذا يحدث حول العالم أثناء اكتمال القمر بدراً؟

استُخدمت إيقاعات القمر – بمراحله المنتظمة من الصعود حتى التضاؤل مرة كل شهر – منذ العصور البدائية لتتبع الوقت.

خذ مثلاً عظمة إيشانغو – التي عُثر عليها عام 1957 في جمهورية الكونغو الديمقراطية حالياً.

يُعتقد أن العظمة، التي من المحتمل أن تكون مأخوذة من ساق قرد البابون والتي يُعتقد أن عمرها أكثر من 20 ألف سنة، هي شكل مبكر من أشكال التقويم.

تحمل العظمة التي اكتشفها عالم جيولوجي بلجيكي، نقوشاً مميزة – بعضها على شكل دوائر أو أجزاء من دوائر. وقد افترض عالم الآثار بجامعة هارفارد، ألكسندر مارشاك، أن هذه النقوش ربما كانت تمثل مراحل القمر المختلفة، مما يشير إلى أن العظم ربما كان يستخدم كتقويم قمري لمدة ستة أشهر.

قمر الحصاد هو الاسم الذي يطلق على القمر المكتمل الذي يحدث في أقرب موعد من الاعتدال الخريفي (في أواخر سبتمبر/أيلول أو أوائل أكتوبر/تشرين الأول).

في هذا الوقت من العام يشرق القمر بعد غروب الشمس بوقت قصير، مما يعني أن المزارعين الذين كانوا يسارعون لجمع محاصيلهم كانوا قادرين على مواصلة العمل حتى وقت متأخر من المساء تحت ضوء القمر. بالطبع في الوقت الحاضر يستخدم معظمهم المصابيح الكهربائية.

في الصين، يقام مهرجان منتصف الخريف، تشونغكوي جي (ويسمى أيضاً مهرجان القمر)، في يوم قمر الحصاد، وهو يوم عطلة رسمية. يعود تاريخ المهرجان إلى 3 آلاف سنة مضت، وكان يقام ترقباً لمحصول وفير.

وبالمثل، في كوريا، مهرجان تشوسوك هو حدث يستمر لمدة ثلاثة أيام ويقام بالتزامن مع قمر الحصاد. خلال المهرجان تجتمع العائلات للاحتفال بالحصاد وتقديم الشكر لأسلافهم.

في الثقافة الهندوسية، تتميز أيام اكتمال القمر، التي تسمى بورنيما، بالصيام والصلاة. ويقام عيد كارتيك بورنيما في شهر نوفمبر/تشرين الثاني – أقدس شهر في التقويم الهندوسي – ويصادف انتصار الآلهة شيفا على الشيطان تريبوراسورا، وأول تجسد للآلهة

فيشنو في صورة ماتسيا. وتشمل الطقوس الاستحمام في الأنهار وإضاءة صفوف من المصابيح الفخارية.

يعتقد البوذيون أن بوذا ولد تحت ضوء القمر المكتمل قبل 2500 سنة. ويعتقدون أيضاً أنه بلغ الاستنارة ومات تحت ضوء القمر المكتمل. ويتم الاحتفال بهذه الأحداث في عيد بوذا بورنيما، والذي عادةً ما يقام في يوم اكتمال القمر في شهر أبريل/نيسان أو مايو/أيار.

في سريلانكا، يعتبر اكتمال القمر كل شهر عطلة رسمية تسمى بويا، حيث يُحظر بيع الكحول واللحوم.

أما في بالي، فعيد بورناما هو للاحتفال بالقمر المكتمل، حيث يُعتقد أن الآلهة تنزل إلى الأرض وتمنح بركاتها. وهو وقت للصلاة وتقديم القرابين الإلهية وزراعة أشجار الفاكهة في الحدائق.

ويُشجَّع المسلمون على الصيام لمدة ثلاثة أيام في وقت اكتمال القمر. تُعرف هذه الأيام بالأيام البيض. ويقال إن النبي محمد كان يصوم هذه الأيام شكراً لله على إضاءة الليالي المظلمة.

في المسيحية، يُحتفل بعيد الفصح في أول يوم أحد بعد أول بدر يلي الاعتدال الربيعي.

وفي المكسيك وبعض بلدان أمريكا اللاتينية الأخرى، كان هناك إحياء لـ “رقصة القمر” التي كان يرقصها السكان الأصليون الأمريكيون، حيث تجتمع النساء عند اكتمال القمر للرقص والعبادة في مهرجان يستمر ثلاثة أيام.

منذ العصور القديمة في أوروبا، كان يُعتقد أن اكتمال القمر يؤدي إلى إصابة بعض الناس بالجنون. وكلمة “الجنون” مشتقة من كلمة “لونا”، وهي الكلمة اللاتينية للقمر.

أدت فكرة أن اكتمال القمر يحفز سلوكاً لا يمكن السيطرة عليه إلى ظهور أسطورة المستذئبين – وهم البشر الذين يتحولون لا إرادياً إلى ذئاب ويرعبون مجتمعاتهم في ليالي اكتمال القمر.

في القرن الرابع قبل الميلاد، كتب المؤرخ الإغريقي هيرودوت عن قبيلة من سيثيا (فيما يعرف الآن بروسيا) تدعى النوريين، مدعياً أنهم يتحولون إلى ذئاب عدة أيام كل عام.

وفي أوروبا تحديداً بين القرن الخامس عشر والقرن السابع عشر، تمت محاكمة عدد من الأشخاص بتهمة التحول إلى ذئاب ضارية.

وإحدى أشهر القصص في هذا السياق تعود لمالك أرض يُدعى بيتر ستوب (أو ستومب) في ألمانيا، ففي عام 1589 ادعى الصيادون المحليون أنهم رأوه يتحول من ذئب إلى إنسان. وبعد تعرضه للتعذيب، اعترف بيتر بامتلاكه حزاماً سحرياً استخدمه للتحول إلى مستذئب، مما سمح له باصطياد الناس وأكلهم.

يعتقد البعض أن اكتمال القمر يسبب اضطراباً في النوم.

تشير الدراسات إلى أنه خلال فترة اكتمال القمر أو قرب اكتماله، يستغرق الناس وقتاً أطول للنوم، ويقضون وقتاً أقل في النوم العميق، كما ينامون لوقت أقل، وتقل مستويات هرمون الميلاتونين في أجسامهم – وهو الهرمون الذي يساعد على النوم.

وقد أفاد الأشخاص المشاركون في الدراسات أن نوعية نومهم تنخفض حتى عندما ينامون في غرف مغلقة مظلمة تحجب ضوء القمر المكتمل.

ويزرع العديد من البستانيين البذور والبراعم في وقت اكتمال القمر (كما يفعل أهالي بالي خلال فترة اكتمال القمر (بورناما) اعتقاداً منهم أن ذلك يحسن التربة.

وعندما يكون القمر بدراً، فإن قوة جاذبيته تجذب جانباً واحداً من الأرض بينما تجذب قوة جاذبية الشمس الجانب الآخر، وبالإضافة إلى أن هذا يتسبب في حدوث مزيد من المد والجزر، يُعتقد أيضاً أنه يؤدي إلى سحب المزيد من الرطوبة إلى سطح الأرض.

ووفقاً لدراسة أجريت في برادفورد في المملكة المتحدة في عام 2000، فإن اكتمال القمر يدفع الحيوانات إلى العض بصورة أكبر.

ووجدت الدراسة أنه بين عامي 1997 و1999، ارتفع عدد المصابين بعضات الحيوانات بشكل ملحوظ في الأيام التي يكون فيها القمر بدراً.

ومن المخيب للآمال أنه لم يتم تسجيل أي عضات من المستذئبين.