قالت قوات المعارضة إنها دخلت أجزاء من مدينة حلب، ثاني أكبر مدن البلاد، في أكبر هجوم ضد الجيش السوري منذ سنوات.
وقد نُشر مقطع فيديو على قناة تابعة لقوات المعارضة يُظهر مقاتليهم في مركبات داخل المدينة، وقد حللت بي بي سي موقع اللقطات وظهر أنها في ضاحية في غرب حلب.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن مسلحين فجروا سيارتين ملغومتين قبل أن يتقدموا إلى الأحياء، دون تقديم مزيد من التفاصيل.
وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية أن الجيش أعلن أنه استعاد السيطرة على المواقع التي سيطرت عليها قوات المعارضة في ريف إدلب وحلب.
وقالت هيئة تحرير الشام والفصائل المتحالفة معها إنها سيطرت على عدد من البلدات والقرى في محافظتي حلب وإدلب بعد شن الهجوم يوم الأربعاء.
وأفاد بيان نُشر على القناة التابعة لقوات المعارضة يوم الجمعة: “بدأت قواتنا في دخول مدينة حلب”.
وقال رامي عبد الرحمن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن الهيئة وفصائل حليفة لها “سيطرت على خمسة أحياء في مدينة حلب”، موضحا بأن “تقدّم الفصائل حصل دون مقاومة تذكر من قبل قوات النظام”.
وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي لديه شبكة من المصادر على الأرض في سوريا، أن الطائرات السورية والروسية نفذت 23 غارة جوية على مدينة حلب والريف المحيط بها يوم الجمعة.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن 255 شخصاً، معظمهم من المقاتلين، قُتلوا في الضربات، وهو الأكثر دموية بين المعارضين والقوات الموالية للحكومة في سوريا منذ سنوات.
وأضاف المرصد أن قوات المعارضة سيطرت على أكثر من 50 بلدة وقرية منذ يوم الأربعاء.
وقال ديفيد كاردن نائب منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية للأزمة السورية “قلقون جدا من الوضع في شمال غرب سوريا. أودت الهجمات المتواصلة على مدى الأيام الثلاثة الماضية بحياة ما لا يقل عن 27 مدنيا، بينهم أطفال لا تتجاوز أعمارهم ثماني سنوات”.
وأضاف “البنية التحتية المدنية والمدنيون ليسوا أهدافا ويجب حمايتهم بموجب القانون الدولي الإنساني”.
وانحسر القتال الذي اندلع منذ بدء الحرب الأهلية في سوريا عام 2011 إلى حد كبير بحلول عام 2020، عندما توسطت تركيا وروسيا -الحليف الرئيسي لسوريا- في وقف إطلاق النار لوقف حملة الحكومة لاستعادة إدلب.
وأدى ذلك إلى هدوء مطول في العنف، لكن الاشتباكات المتفرقة والضربات الجوية والقصف استمرت.
وإدلب هي آخر معقل للمعارضة ويعيش فيها أكثر من أربعة ملايين شخص، نزح الكثير منهم أثناء الصراع ويعيشون في ظروف مزرية.
القوات المعارضة تسيطر على أحياء وطرق “استراتيجية”
ويقول الصحفي محمد بلعاس، في حديثه لبي بي سي، إن قوات المعارضة السورية سيطرت مع ساعات مساء الجمعة على أحياء عدة في مدينة حلب، وهي؛ حي الراشدين وهو حي رئيسي في حلب وخان العسل، وحي الألف وسبعين شقة، وحي الثلاثة آلاف شقة، وضاحية الأسد والحمدانية وحلب الجديدة.
ويؤكد بلعاس أن المعارك لا تزال جارية “على قدم وساق” للسيطرة على أحياء جديدة داخل مدينة حلب.
ويضيف أن قوات المعارضة سيطروا أيضاً على سراقب، التي تعد مدينة استراتيجية تقع في الريف الشرقي لمحافظة إدلب، كما تقع على طريقين دوليين هما الـ M5 وM4.
ويبيّن أنه كان لقوات المعارضة اليوم سيطرة كبيرة على هذا الطريق من خلال تحرير منطقة خان السبل بالإضافة إلى معرة دبسة وهي مناطق تقع على هذا الأوتستراد، الذي يعد شرياناً رئيساً يربط بين الشمال والجنوب السوريين، وهو الطريق الرئيسي بين مدينتي حلب ودمشق.
ويصف بلعاس أن القوات الموالية لإيران في حلب تعيش “حالة نزوح كبيرة”.
وفيما يتعلق بالمدنيين، يشير إلى أن فصائل المعارضة وجهت عناصرها للتعامل مع المدنيين بشكل يضمن عدم وقوع أي عملية تهجير من مدينة حلب.
وهناك توقعات، بحسب بلعاس بأن قوات معارضة ستتوجه في وقت لاحق الليلة إلى مدينة معرة النعمان “الاستراتيجية” للسيطرة عليها.
ويقول إن القوات الروسية قصفت الجمعة طريق حلب الذي يصل بين سرمدة وحلب، ما أسفر عن وقوع إصابات، فضلا عن قصف مدينة إدلب وتسببت بوقوع ثلاثة قتلى.
تركيا: “الحفاظ على الهدوء في إدلب والمنطقة الحدودية أولوية”
ودعت تركيا الجمعة إلى “وقف الهجمات” على مدينة إدلب ومحيطها، معقل المعارضة المسلحة في شمال غرب سوريا، بعد سلسلة غارات شنتها القوات الجوية الروسية والسورية.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية عبر منصة “إكس”: “لقد طالبنا بوقف الهجمات، وقد أدت الاشتباكات الأخيرة إلى تصعيد غير مرغوب فيه للتوترات في المنطقة الحدودية”، في إشارة إلى “التطورات في إدلب ومحيطها الحدودي”.
وهذا أول رد فعل رسمي لتركيا منذ بدء الهجوم الخاطف لهيئة تحرير الشام وفصائل متحالفة معها ضد النظام السوري والذي وصل في غضون يومين إلى حلب، ثاني أكبر مدن البلاد.
وقالت الوزارة “من المهم للغاية بالنسبة لتركيا تجنب مرحلة جديدة من زعزعة أكبر للاستقرار وعدم تأثر المدنيين”، مؤكدة أن “الحفاظ على الهدوء في إدلب وفي المنطقة الحدودية.. أولوية بالنسبة لتركيا”.
واعتبرت أنقرة أن “الهجمات الأخيرة على إدلب وصلت إلى مستوى يقوض روحية وآليات تطبيق اتفاقيات أستانا” لعام 2017.
ويهدف مسار أستانا الذي يضم روسيا وإيران وتركيا إلى إنهاء النزاع في سوريا من خلال إنشاء أربع مناطق منزوعة السلاح، لكن الحكومة السورية لم توقع على هذا الاتفاق، وفقا لوكالة فرانس برس.
وبدأت تركيا التي تستضيف ثلاثة ملايين لاجئ سوري، عملية مصالحة مع دمشق برعاية روسيا، حليفة الرئيس بشار الأسد، لكن هذا التقارب لم يثمر حتى الآن.
الحدود العراقية – السورية “مؤمنة”
قال نائب قائد العمليات المشتركة في العراق الفريق أول الركن قيس المحمداوي، اليوم الجمعة، إن الحدود العراقية – السورية “مؤمنة” عبر “الوجود العسكري وانتشار القطعات ومحصنة بالكامل”.
وأوضح الفريق المحمداوي، في تصريحات لوكالة الأنباء العراقية الرسمية، أن “الحدود العراقية – السورية مؤمنة وآمنة جداً، من حيث الجهد الفني وتواجد القطعات، كقطاعات الحدود، وكذلك التحصينات كالكتل الكونكريتية (الأسمنتية) والأسلاك الشائكة، بالإضافة إلى نصب الكاميرات وتحليق الطائرات المسيرة”.
وأضاف قائلا إن “الأمور طبيعية، والتحسب المطلوب كإجراءات وقطعات أمنية من ناحية الكم والنوع جيد وكاف، وهناك إجراءات سواء على المستوى الفني، ومسك الحدود وانتشار القطاعات، ولدينا عمل كبير مستمر منذ سنتين، ومستوى الأمن على الحدود العراقية – السورية هو الأفضل حالياً على مدار التاريخ”.
وشدد المحمداوي، على أن “الوضع آمن والحدود آمنة جداً ومحصنة بالكامل ولا يوجد أي تسلل ولن يكون هناك أي تسلل”.
Source link
اضف تعليقك