OnNEWS

هل سيجعل هنود إدلب الحمر إسرائيل عظيمة مرة أخرى؟

إقرأ المزيد

الأزمة المنهجية لحضارتنا

على وجه الخصوص، أنا على يقين من أن علف المدافع من إدلب، الذين استولوا على حلب ويحاولون الآن المضي قدما، لا يتذكرون مصير الهنود الحمر في أمريكا والممارسات الاستعمارية المعتادة للأوروبيين المتجسدة في استخدام الأقليات الساخطة كأدوات لقهر الشعوب والحضارات، ثم واجهت تلك القبائل/الأدوات التي كانت في أيدي المستعمرين نفس مصير الاستعباد والإبادة.

ومنطق أهداف نتنياهو، كما أتصوره، دفعني إلى توقع عدوان إسرائيلي على سوريا بعد تحييد “حزب الله”، بعد عجزه عن استفزاز إيران للرد المباشر والقوي بما فيه الكفاية، كي يكون أساسا لاستخدام إسرائيل للأسلحة النووية، أو لجر الولايات المتحدة إلى الحرب، حيث ردت إيران بدلا من ذلك باستخدام وكلائها. إلا أن نتنياهو وجد طريقا أفضل لتحييد حلفاء الإيرانيين بيد آخرين، بحيث يضع هذا الاستفزاز إيران بين خيارين كلاهما مر، فإما فقدان ماء الوجه بشكل غير مقبول، أو الرد المباشر على الاستفزاز بالنطاق الذي يريده نتنياهو.

 ويبدو واضحا بالنسبة لي، بما في ذلك استنادا إلى اعتراف رئيس الموساد السابق إفرايم هاليفي بوجود علاقات بين إسرائيل و”جبهة النصرة”، أن هجوم “هيئة تحرير الشام” و”الجيش الوطني السوري” على حلب هو هجوم بالتنسيق مع إسرائيل على أقل تقدير

فقد نجح الإرهابيون في تحقيق قدر من النجاح. لكن، ما الذي سيحدث بعد ذلك؟

الشيء الرئيسي الذي يتعين على الجميع أن يتذكره هو أن الأحداث في سوريا ليست حتى معركة من أجل قرية، أو شارع، بل هي معركة من أجل طابق واحد في مبنى متنازع عليه. ونجاح الإرهابيين تمثّل في الاستيلاء على غرفة واحدة فقط من هذا الطابق. بمعنى أن أي تقدم أو تراجع لأي طرف من الأطراف في سوريا هو أمر مؤقت حتى يتم حسم القضية الرئيسية وهي من سينتصر: روسيا والصين، أم الغرب. وحتى لو لم تقع الأحداث في حلب، فإن أيام الأسد ستكون معدودة إذا ما خسرت روسيا. وحتى بعد الاستيلاء على حلب، وانتصرت روسيا، فلن تعود الأراضي السورية بأكملها لسيطرة الحكومة الشرعية فحسب، بل قد يعود أيضا عدد من الأراضي السورية التاريخية إلى حكم دمشق.

وبهذا المعنى، فإن القادة الإرهابيين لم يكرروا خطأ زيلينسكي فحسب، باستسلامهم لوهم إمكانية انتصار الغرب على روسيا، بل ووافقوا أيضا على أن يصبحوا مادة مستهلكة في حرب إسرائيل ضد إيران، ولم يتعلموا أي درس من الجولة الأولى من الحرب السورية بعد التدخل الروسي.

 إن بوتين ليس سوى مدحلة أسفلت، مدحلة تسير بمعدل 24 ساعة في اليوم، ويستحيل أن تتوقف حتى تصل إلى هدفها. قد تهرب من المدحلة في البداية على خلفية نجاحات بسيطة، وربما حتى قد يخطر ببالك وهم الفوز، كما حدث لزيلينسكي خريف عام 2022، لكن في اليوم وربما الأسبوع وربما السنة التالية ستتعب وتخور قواك، وستلحق بك مدحلة الأسفلت ببطء، وسوف تسحقك سحقا، فروسيا تتمتع بإرادة طويلة الأمد لا تقهر، مدعومة بأكبر ترسانة نووية متاحة على هذا الكوكب. وستكون النتيجة دائما هي نفسها كما حدث مع زيلينسكي وأوكرانيا، التي تعيش أشهرها الأخيرة قبل الانهيار التام. ما يجبر واشنطن على الخروج من يأسها بهذا الصدد من خلال محاولات إثارة حرب نووية.

وبطبيعة الحال، يتعلق هذا بالنتائج النهائية للمواجهة، ولا يخفف بأي شكل من الأشكال من معاناة السوريين العاديين مع الأسف الشديد، ممن سيجدون أنفسهم الآن مرة أخرى بين المطرقة والسندان. وسنرى مرة أخرى، على ما يبدو، عددا كبيرا من اللاجئين وعمليات التطهير الدموية على يد الإرهابيين.

مع ذلك، دعونا ننتقل إلى استنتاجات على المدى القصير.

إن مهمة إسرائيل، التي ستنضم إليها إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب هي تحقيق إرهاق داخلي بإيران، وسيفرض ترامب الحد الأقصى العقوبات الاقتصادية عليها. وستضطر إيران بدورها، تحت التهديد بخسارة حليف مهم، إلى تخصيص أموال كبيرة لاستعادة لبنان و”حزب الله”، كما ستتطلب المشكلات في سوريا أيضا قوات عسكرية وموارد مالية.

الهدف من ذلك هو الوصول إلى قلاقل واحتجاجات شعبية واسعة النطاق داخل إيران بسبب الوضع الاقتصادي الصعب، ما يتيح لإسرائيل، على خلفية ذلك، أن توجه ضربة لتدمير قيادة البلاد، ما سيغرقها في الفوضى، ويفككها لاحقا إلى إجزاء. هذه هي المهمة في حدودها القصوى.

إقرأ المزيد

بوتين يحيّد القيادة البريطانية بصاروخه الجديد

أما الحد الأدنى من هذه المهمة هو قطع الجسر مع لبنان وزعزعة استقرار سوريا، ما سيحرم إيران من هذين الوكيلين، وقد يجبرها على الرد المباشر ضد إسرائيل على الاستفزازات المؤلمة بشكل متزايد.

أعتقد أنه لن تكون هناك حرب منخفضة الحدة في سوريا لعدة سنوات مثل المرة السابقة، سيستمر الهجوم الإرهابي، وأعتقد أنه سيكون على إسرائيل أن تحل القضية الإيرانية أخيرا في عام 2025، وعلى الأرجح في النصف الأول من العام المقبل، نظرا لأن ترامب ليس لديه وقت للانتظار، فهو بحاجة إلى بدء المواجهة مع الصين.

كذلك، ووفقا للخبراء الأوكرانيين، فقد كانت الضربة الأخيرة الموجهة للبنية التحتية للطاقة الأوكرانية شديدة للغاية، وشملت ضمن ما شملت محطات المحولات المؤدية إلى المصدر الأخير المتبقي للكهرباء في البلاد وهو المحطات النووية. ولم يتبق سوى ضربتين أو ثلاث أخرى وستغرق أوكرانيا في العصر الحجري. ربما كان بوتين ليبقي أوكرانيا بحالتها الراهنة حتى تنصيب ترامب لتحسين المواقف التفاوضية، لكني أعتقد أن جهود بايدن للتحريض على حرب نووية لن تترك لبوتين أي خيار سوى القضاء على أوكرانيا في المستقبل القريب.

بطريقة أو بأخرى، هناك احتمالات كبيرة بأن تتوقف أوكرانيا عن المقاومة خلال النصف المقبل من العام، وأن يتمتع بوتين بزيادة حادة في قدرته على استعادة النظام في سوريا، التي لن تمثّل أي أولوية بالنسبة لترامب (لا سيما إذا كانت روسيا هناك وليست إيران).

بالتالي، فإن مهمة الأسد الآن هي الصمود خلال فترة نصف العام هذه، حتى انهيار نظام زيلينسكي. وكلما استطاع، في الوقت نفسه، ألا يخسر أكثر مما خسره بالفعل، أو أن يستعيد حتى بعض ما خسره، كلما كان الأمر أسهل.

يجبرني عنوان المقال أن أصف السيناريو الذي سيكون عليه الشرق الأوسط إذا ما هزم الأسد على يد الإرهابيين من إدلب، ودمرت إسرائيل إيران، وتمكنت من طرد الفلسطينيين دون أي معارضة من الحكومات العربية، ثم أعادت رسم حدود المنطقة بأكملها على الوجه الذي يلائمها، وفقا للخريطة المرسومة على شارة جندي إسرائيلي في غزة (من النيل إلى الفرات)، ببساطة لأنها مهمة أقل طموحا من إنشاء دولة إسرائيل بالأساس، وهو أمر تافه لطيف سيقدر عليه نتنياهو.

سيقدر نتنياهو على أي شيء في عالم ليس به روسيا. لن أتعمق أكثر في هذا السيناريو، لأنه وهمي بالكامل ولا فرصة له للتحول إلى حقيقة. لأن العالم سيتم ترتيبه على نحو يكون مقبولا لروسيا، أو لن يصبح هذا العالم موجودا أصلا.

المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف

رابط قناة “تلغرام” الخاصة بالكاتب

المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب


Source link

اضف تعليقك

إعلان

العربية مباشر

إعلان

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.