تمكن الجيش السوري من استعادة بعض المناطق من قوات المعارضة السورية، في محيط مدينة حماة إثر هجوم معاكس بعد منتصف ليل الثلاثاء-الأربعاء، فيما أكدت المعارضة السورية الاحتفاظ بجميع المواقع التي سيطرت عليها.
وأعلنت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، تمكن الجيش من “توسيع نطاق أمان المدينة (حماة) بنحو 20 كلم” وذلك بعد القضاء على مسلحين وتدمير آلياتهم.
وتحدثت (سانا) عن مواصلة الجيش عملياته ضد مواقع ومحاور تحركات قوات المعارضة السورية في ريف حماة الشمالي.
أما المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يتخذ من المملكة المتحدة مقراً له، ذكر أن هيئة تحرير الشام والفصائل المعارضة الأخرى فشلت في السيطرة على جبل زين العابدين قرب مدينة حماة.
وتحدث المرصد عن “معارك طاحنة” مع الجيش السوري الذي شن هجوماً معاكساً بعد منتصف ليل الثلاثاء-الأربعاء، بدعم جوي من الطائرات الحربية.
واستعاد الجيش قرية كفراع ومعرشحور، وأُبعدت هيئة تحرير الشام عن مدينة حماة بقرابة 10 كلم، وفق رواية المرصد.
وقال القائد العسكري في إدارة العمليات العسكرية التابعة للمعارضة السورية حسين عبد الغني، إن “جميع المواقع التي سيطرنا عليها ما تزال تحت سيطرتنا، ولا يزال التقدم مستمراً ضمن عملية ردع العدوان”.
وقال عبد الغني إن “قوات النظام” تحاول رفع معنويات جنودها عبر بث شائعات تفيد باستعادتهم بعض المواقع في أرياف حماة.
وتحدث التلفزيون السوري عن اشتباكات عنيفة يخوضها الجيش في ريف حماة الشمالي والشمالي الغربي مع المعارضة منذ ساعات الصباح.
وقتل خلال العمليات منذ ليل الثلاثاء وحتى ظهر اليوم الأربعاء، 45 مقاتلاً، 22 عنصراً من هيئة تحرير الشام و5 من فصائل “الجيش الوطني” المعارضة و18 عنصراً من الجيش بينهم 5 ضباط برتب مختلفة، وفق المرصد.
وفي بيان صادر عن الجيش السوري، أُعلن فك الحصار المفروض من المعارضة على طلاب أكاديمية الأسد العسكرية في حلب، وقال البيان إن الطلاب تمكنوا من الخروج إلى بلدة الواحة في منطقة السفيرة، وجرى تطويقهم مرة أخرى من قبل قوات المعارضة.
“عبر تنسيق سوري روسي عسكري سياسي مشترك تم فك حصار تلك التنظيمات الإرهابية، وتأمين خروج طلبة الأكاديمية ووصولهم بأمان إلى مدينة حمص ليتم تقديم الرعاية اللازمة، والعلاج الطبي للمصابين والجرحى منهم”، يقول البيان.
وتشنّ هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً قبل فكّ ارتباطها بتنظيم القاعدة) وفصائل معارضة متحالفة معها منذ 27 نوفمبر/تشرين الثاني هجوماً مباغتاً في شمال غرب سوريا أطلقت عليه اسم “ردع العدوان”.
وسيطرت هذه القوات على عشرات البلدات وعلى قسم كبير من حلب، ثاني أكبر مدينة في سوريا، وتواصل تقدّمها جنوباً.
قبل الهجوم المعاكس، قال المرصد إنّ “قوات ردع العدوان باتت على أبواب مدينة حماة… التي شهدت موجة نزوح كبيرة نتيجة لاحتدام المعارك في محيط المدينة”.
وأعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن المعارك المتجددة أدت الى نزوح نحو 50 ألف شخص في منطقة إدلب وشمال حلب، أكثر من نصفهم من الأطفال.
وتعرضت المدينة إلى “قصف صاروخي من قبل هيئة تحرير الشام والفصائل العاملة معها”، وفق المرصد.
تعزيزات وقتال عنيف
نقلت وكالة (سانا) عن مصدر عسكري قوله إن “تعزيزات عسكرية كبيرة وصلت إلى مدينة حماة لتعزيز القوات الموجودة على الخطوط الأمامية والتصدي لأي محاولة هجوم قد تشنها التنظيمات الإرهابية المسلحة”.
وقالت وسائل إعلام رسمية والمرصد السوري لحقوق الإنسان إن قتالاً عنيفاً اندلع للسيطرة على جبل زين العابدين، وهو تل يقع على بعد خمسة كيلومترات شمال شرقي حماة ويطل على طريق رئيسي يؤدي إلى المدينة.
وقال أبو القعقاع، أحد قادة قوات المعارضة في المنطقة إنهم “أجبروا على التراجع تحت قصف جوي عنيف من العدو”. وأشار مصدر آخر من قوات المعارضة إلى الفشل في السيطرة على جبل زين العابدين باعتباره انتكاسة للتقدم الذي أحرزته المعارضة نحو حماة، وفق وكالة رويترز.
وقال وسيم، 36 عاما، وهو عامل توصيل طلبات في حي الشريعة، لوكالة فرانس برس “الليلة الماضية كانت الأصوات مرعبة للغاية والقصف متواصل ومسموع بوضوح”.
وأضاف “بالنسبة لي سأبقى في منزلي لأنه ليس هناك مكان آخر أنزح إليه. تعبنا من هذه الحالة ونحن على أعصابنا منذ أربعة أيام”.
وقالت مصادر من المعارضة والجيش لرويترز، إن جماعات مسلحة مدعومة من إيران ساعدت في تعزيز خطوط المواجهة للقوات الحكومية في حماة حيث أعادت وحدات الجيش تنظيم صفوفها بعد خسارتها حلب.
وذكر سكان أن مقاتلين عراقيين مدعومين من إيران دخلوا إلى سوريا دعماً للرئيس بشار لأسد الذي بدأت حكومته حملة جديدة للتجنيد من خلال إقامة نقاط تفتيش في دمشق وشرق دير الزور لتسجيل الشباب للانضمام إلى الجيش.
ضربة أمريكية
أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، الثلاثاء، تنفيذ ضربة استهدفت أنظمة أسلحة في شرق سوريا.
وقالت الوزارة الأمريكية إن الضربة لا علاقة لها بالتقدم الحالي الذي تحرزه المعارضة في البلاد.
وذكر المتحدث باسم البنتاغون الميجر جنرال بات رايدر أن الجيش الأمريكي ضرب الثلاثاء أنظمة أسلحة وتشمل ثلاث منصات إطلاق صواريخ متحركة ودبابة من طراز تي-64 بعد إطلاق قذائف باتجاه القوات الأمريكية في موقع الفرات للدعم العسكري.
ويوجد نحو 900 جندي أمريكي في سوريا، يركزون على مواجهة مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية.
اشتباك روسي- أمريكي في الأمم المتحدة
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، الأربعاء، إن موسكو تدعم بقوة إجراءات القيادة السورية لمواجهة هجمات يشنها من وصفتهم بأنهم “جماعات إرهابية”.
ورأت زاخاروفا أن التقدم الذي أحرزته قوات المعارضة السورية في الأيام القليلة الماضية لم يكن ممكنا دون دعم وتحريض من الخارج، مضيفةً أن “قوات المعارضة السورية حصلت على طائرات مسيرة وتدريب من الخارج”.
أما وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن قال في اجتماع لحلف شمال الأطلسي الأربعاء إن التقدم الذي حققته قوات هيئة تحرير الشام في سوريا في الآونة الأخيرة يظهر أن داعمي الرئيس السوري بشار الأسد، وهما روسيا وإيران، مشتتان.
وأضاف بلينكن أن رفض الأسد المشاركة بأي شكل ملموس في عملية لحل الأزمة السياسية في البلاد هو أيضاً ما فتح المجال لهجوم هيئة تحرير الشام.
واشتبكت روسيا والولايات المتحدة في الأمم المتحدة، واتهمت كل منهما الأخرى بدعم “الإرهاب” خلال اجتماع لمجلس الأمن انعقد بسبب التصعيد المفاجئ للقتال في سوريا.
ودعا روبرت وود نائب السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة إلى خفض التصعيد في القتال في سوريا وحماية المدنيين. كما عبّرعن قلقه من أن الهجوم تقوده هيئة تحرير الشام.
واتهم وود الجيش السوري وروسيا بالتسبب في سقوط ضحايا مدنيين في الهجمات على المدارس والمستشفيات، قائلاً إن “حقيقة إدراج الولايات المتحدة والأمم المتحدة هيئة تحرير الشام منظمة إرهابية لا تبرر المزيد من الفظائع التي يرتكبها نظام الأسد وداعموه الروس”.
وفي تصريحات موجهة إلى وود، قال السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا “ليس لديك الشجاعة للتنديد بهجوم إرهابي واضح على المدنيين المسالمين في المدن السورية المسالمة”.
ورد وود متهماً نيبينزيا بأنه “ليس في وضع يسمح له بإلقاء محاضرات علينا بشأن هذه القضية” لأن موسكو “تدعم الأنظمة التي ترعى الإرهاب في جميع أنحاء العالم”.
وأضاف “الولايات المتحدة حاربت آفة الإرهاب على مدى عقود وستواصل فعل ذلك”.
Source link
اضف تعليقك