OnNEWS

اتحاد شركات الاستثمار يطلق العدد الثالث والعشرين من مجلة “المستثمر”

في عالم يموج بالتحولات المتسارعة، لم يعد بالإمكان النظر إلى الاستثمار من زاوية ضيقة تقتصر على تحقيق العوائد المالية المباشرة فحسب، بل أصبح الاستثمار اليوم مسؤولية متكاملة تتجاوز حدود الأرقام والمؤشرات المالية إلى آفاق أوسع تتعلق بالمجتمع والبيئة والحوكمة المؤسسية. لقد أثبتت التجارب الحديثة أن الاستدامة لم تعد مجرد خيار مؤقت أو صيحة عابرة، بل أصبحت إطاراً استراتيجياً ينظم علاقة الشركات بالاقتصاد والمجتمع والطبيعة، ويحدد مدى قدرتها على الاستمرار والمنافسة في أسواق تتزايد فيها التحديات وتتعاظم فيها المخاطر.

وخلال كلمته أشار السيد/ عبدالله حمد التركيت – رئيس مجلس إدارة الاتحاد ورئيس تحرير المجلة إصدار العدد الجديد من مجلة المستثمر في سبتمبر 2025 يجسد هذا التحول الفكري والعملي، حيث حرص الاتحاد على أن يسلط الضوء بعمق على أهمية دمج معايير البيئة والمجتمع والحوكمة (ESG) في الاستراتيجيات الاستثمارية. ، موضحاً أن مفهوم الاستثمار تجاوز منذ سنوات كونه أداة لتحقيق الأرباح المالية، ليصبح مسؤولية متكاملة تجاه المجتمع والبيئة والأجيال القادمة.

وأكد أن التجارب العالمية أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أن الشركات التي تتبنى مبادئ ESG تتميز بقدرتها على تحقيق أداء مالي مستدام، وتكون أكثر قدرة على إدارة المخاطر وفتح آفاق جديدة للنمو المتوازن.

وأضاف التركيت أن دولة الكويت خطت خطوات مهمة في هذا المجال، حيث تبنت رؤية “كويت جديدة 2035” التي وضعت الاقتصاد المتنوع والمستدام كركيزة أساسية في خططها التنموية. وبدأت مؤسسات مالية وبنوك محلية بإصدار تقارير الاستدامة والإفصاح عن الممارسات المرتبطة بالحوكمة والمسؤولية المجتمعية، انسجاماً مع التوجه الوطني نحو الحياد الكربوني بحلول عام 2050..

الاستدامة كقيمة استثمارية

إن الحديث عن الاستدامة اليوم لم يعد ترفاً أو شعاراً تسويقياً، بل أصبح ضرورة استراتيجية للشركات والمستثمرين على حد سواء. فالشركات التي تدمج معايير ESG في استراتيجياتها باتت تتمتع بميزة تنافسية واضحة، إذ أصبحت أكثر قدرة على مواجهة المخاطر العالمية مثل تغير المناخ، الأزمات الصحية، والتقلبات الاقتصادية. وتشير الإحصاءات العالمية إلى أن حجم أصول صناديق الاستثمار المستدامة بلغ عشرات التريليونات من الدولارات، وهو ما يعكس إدراكاً متنامياً بين المستثمرين حول العالم أن الاستدامة تمثل الضمانة الحقيقية للعوائد طويلة الأمد.

الكويت والخليج: موقع ريادي

على المستوى المحلي والإقليمي، شهدت الكويت ودول مجلس التعاون الخليجي تطورات لافتة في تبني هذا التوجه العالمي. ففي الكويت، أضحت الاستدامة ركناً أساسياً في رؤية “كويت جديدة 2035″، التي وضعت الاقتصاد المتنوع والمستدام كإحدى ركائزها الاستراتيجية. وقد بدأت المؤسسات المالية والبنوك الكويتية في إصدار تقارير دورية عن الاستدامة، تعكس التزامها بالشفافية والإفصاح، كما شرعت العديد من الشركات في تبني مبادرات عملية لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050. وعلى الصعيد الخليجي، برزت مبادرات كبرى مثل “السعودية الخضراء” و”الإمارات 2050″، التي جسدت التزام المنطقة بالتحولات البيئية والاقتصادية العالمية.

رؤية مجموعة أرزان المالية

في مقابلات خاصة ضمن هذا العدد من مجلة المستثمر، استعرض مسؤولو مجموعة أرزان المالية رؤيتهم المتقدمة في مجال الاستدامة. فقد أكد السيد/ جاسم زينل، نائب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي للمجموعة، أن دمج معايير ESG لم يعد مجرد التزام تنظيمي بل أصبح جزءاً من الهوية المؤسسية للمجموعة، يوجه استراتيجياتها الاستثمارية نحو خلق قيمة طويلة الأمد لجميع أصحاب المصلحة. وأوضح أن مجموعة أرزان المالية ترى في الاستدامة ميزة تنافسية تعزز من ثقة المستثمرين فيها و تجعل الشركة أكثر تواؤماً مع توجهات و معايير الأسواق العالمية.

إن لمجموعة أرزان المالية تطلعات مستقبلية كبيرة و نسعى جاهداً للمحافظة على ريادتنا في القطاع الإستثماري و تكامل خدماتنا المالية و تنوع حلولنا الإستثمارية المبتكرة ، مؤمنين بأهمية الإستدامة و الإلتزام بكل ما يعزز أفضل التطبيقات في الممارسات البيئية و الإجتماعية و حوكمة الشركات.

أما السيد/ طلال بدر البحر، نائب الرئيس التنفيذي للمجموعة، فقد أوضح أن الابتكار المالي يمثل محركاً أساسياً لدعم الاستدامة، مشيراً إلى أن الأدوات المالية الجديدة كـ صناديق الاستثمار المستدامة و الإستثمار وفق معايير الـ ESG باتت توفر فرصاً واسعة للمستثمرين و أصبحت مؤخراً محل إهتمام من قبل المساهمين و المستثمرين و أصحاب المصلحة، حيث يساعد هذا التوجه الإستثماري الجديد في تعزيز الممارسات البيئية و الإجتماعية و تطبيق أعلى معايير حوكمة الشركات و يساهم كذلك هذا التوجه ببناء اقتصاد متنوع و أكثر قدرة على مواجهة التحديات الإقليمية و العالمية.

تحليل أكسفورد بيزنس

وفي السياق ذاته، قدم السيد/ أندرو جيفريز، الرئيس التنفيذي العالمي لمجموعة أكسفورد بيزنس، رؤية تحليلية حول المكانة المتنامية لدول الخليج في مشهد الاستدامة العالمي. وأكد أن المنطقة باتت نموذجاً يحتذى به في سرعة تبني معايير ESG، مشيراً إلى أن الكويت على وجه الخصوص، من خلال اتحاد شركات الاستثمار، تسهم بفاعلية في نشر ثقافة الاستدامة عبر المبادرات التوعوية والتدريبية، بما يعزز من موقعها كبيئة مالية جاذبة للاستثمارات المستدامة. وأوضح أن هذا التوجه ليس رفاهية وإنما ضرورة استراتيجية تفرضها التحولات الاقتصادية العالمية.

التحديات أمام الاستدامة

غير أن الطريق نحو الاستدامة ليس مفروشاً بالورود، فثمة تحديات تواجه المؤسسات في المنطقة والعالم. ومن أبرز هذه التحديات الحاجة إلى أطر تنظيمية أكثر شمولاً ووضوحاً، وغياب البيانات الدقيقة المتعلقة بممارسات ESG، إضافة إلى صعوبة الموازنة بين الأهداف المالية قصيرة الأمد والالتزامات طويلة المدى. كما أن رفع الوعي المؤسسي ما زال ضرورة ملحة، إذ لا تزال بعض القطاعات تنظر إلى الاستدامة باعتبارها عبئاً إضافياً، بينما هي في الحقيقة استثمار في المستقبل. وهنا يبرز دور اتحاد شركات الاستثمار الذي يدعو باستمرار إلى تعزيز الشفافية، وبناء القدرات المؤسسية، وتطوير أدوات مالية مبتكرة تدعم التوجه نحو اقتصاد أخضر أكثر استقراراً.

خاتمة تحليلية

إن هذا العدد لا يقتصر على عرض الوقائع فحسب، بل يوجه رسالة واضحة مفادها أن الاستدامة تمثل اليوم البوصلة التي توجه الاستراتيجيات الاستثمارية نحو تحقيق التوازن بين الربحية والمسؤولية الاجتماعية والبيئية. ويؤكد اتحاد شركات الاستثمار أن دمج معايير ESG هو الخيار الوحيد القادر على ضمان النمو طويل الأمد، وتعزيز مكانة الكويت ودول الخليج في النظام المالي العالمي. إن المستقبل لن يكون حكراً على الشركات التي تسعى وراء الأرباح السريعة، وإنما سيكون من نصيب المؤسسات التي تستثمر في الإنسان والبيئة والحوكمة على حد سواء.

وعليه، فإن هذا العدد من مجلة المستثمر لا يمثل مجرد إصدار دوري، بل هو وثيقة استراتيجية تضع بين يدي القارئ والمستثمر وصانع القرار خريطة طريق نحو بناء اقتصاد أكثر مرونة وشمولاً واستدامة. وفي عالم تزداد فيه التحديات وتتعاظم فيه المسؤوليات، يبقى الأمل معقوداً على أن تكون الاستدامة هي القاعدة التي تنطلق منها كل الجهود، لتبقى الكويت ودول الخليج في طليعة المشهد العالمي، ولتكون شريكاً فاعلاً في صياغة مستقبل أكثر إشراقاً للأجيال القادمة.


Source link

اضف تعليقك

إعلان

العربية مباشر

إعلان

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.